الأمم المتحدة تحذر من تفاقم أزمة الديون العالمية وتحدد ثلاثة مستويات عاجلة للتحرك

أطلقت الأمم المتحدة تقريرًا جديدًا يحمل عنوان "مواجهة أزمة الديون: طريق نحو التعافي المستدام"، يسلّط الضوء على تصاعد مستويات الدين العام في دول الجنوب العالمي، وتأثيره العميق على مسارات التنمية المستدامة، وذلك خلال فعالية رفيعة المستوى شاركت فيها نائبة الأمين العام أمينة محمد، إلى جانب كبار الخبراء الدوليين، من بينهم الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ في قمة COP27، وباولو جينتيلوني مفوض الاقتصاد بالاتحاد الأوروبي، وريبيكا جرينسبان، رئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد).
ويأتي التقرير في توقيت بالغ الدقة، مع تصاعد تحذيرات المؤسسات الدولية من أزمة ديون خانقة تهدد الاستقرار المالي لعدد كبير من الدول النامية، وتعرقل قدرتها على تمويل أهداف التنمية، وسط ضغوط متزايدة ناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، وتباطؤ النمو، وتقلبات الأسواق المالية.
3 مستويات عاجلة للتحرك الدولي
حددت الأمم المتحدة ثلاث مستويات أساسية يجب أن يتحرك العالم من خلالها بشكل متزامن لتفادي الانزلاق إلى أزمة ديون عالمية واسعة النطاق:
الإصلاح المؤسسي الدولي: يشمل مراجعة سياسات التمويل متعددة الأطراف، وإعادة هيكلة آليات الحوكمة في مؤسسات بريتون وودز (صندوق النقد والبنك الدولي)، لضمان العدالة والشفافية، وتمكين الدول المثقلة بالديون من الحصول على شروط تمويل أكثر مرونة وإنصافًا.
ابتكار أدوات مالية جديدة: دعا التقرير إلى تبني آليات مبتكرة لإعادة هيكلة الديون، بما يشمل أدوات مبادلة الديون بالاستثمار في المناخ أو التنمية، وتقديم آليات حماية مالية ضد الأزمات، بما يشبه صندوق الاستقرار الطارئ للدول النامية.
إعادة رسم العلاقة بين التمويل والدين: شدد التقرير على ضرورة أن تخرج برامج التمويل الدولي من إطار التمويل مقابل التقشف، لتصبح شراكات إنتاجية تنموية تدعم الاستثمار في البنية التحتية، التحول الأخضر، والصحة والتعليم، باعتبارها أدوات تعزيز الإيرادات المحلية وليس عبئًا ماليًا.
تحذير من عجز جماعي عن الوفاء بأهداف التنمية 2030
حذر الخبراء المشاركون من أن أزمة الديون الحالية لا تقتصر على التحديات المالية فحسب، بل تمثل تهديدًا مباشرًا لأهداف التنمية المستدامة 2030، حيث تعاني أكثر من 50 دولة من أزمة مديونية حادة، بينما تتجاوز خدمة الدين العام في بعض الدول الإفريقية نسبة 40% من الإيرادات العامة، ما يعني استنزاف موارد الدولة على حساب التنمية.
وأكد الدكتور محمود محيي الدين أن هناك حاجة ملحة إلى مقاربة عادلة ومنهجية شاملة لإعادة هيكلة الديون، بدلًا من الإجراءات المؤقتة والطارئة، مشيرًا إلى أن "الأعباء تتفاقم بينما يستمر النظام المالي الدولي في معاملة الدول النامية كخطر تمويلي دائم، لا كشريك في النمو العالمي".
دعوة إلى قمة عالمية للديون في 2025
أوصى التقرير بعقد قمة عالمية حول الديون والتنمية خلال عام 2025، لتكون منصة رسمية لرسم خارطة طريق جماعية لإصلاح نظام التمويل الدولي، بدلاً من ترك الدول النامية فريسة للمفاوضات الفردية وشروط السوق.