من قناة السويس إلى العاصمة الإدارية.. استثمارات صينية بالمليارات تغزو السوق المصرية

شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين خلال السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا، حيث أصبحت الصين واحدة من أبرز الشركاء الاقتصاديين لمصر، خاصة في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومع تزايد الاهتمام الصيني بالسوق المصرية، تتساءل الأوساط الاقتصادية: هل يمثل هذا التمدد فرصة لتعزيز التنمية الاقتصادية؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض أبرز الاستثمارات الصينية المعلن عنها في مصر خلال الفترة الأخيرة، مع تسليط الضوء على أهم القطاعات المستهدفة والتداعيات المحتملة.
حجم الاستثمارات الصينية في مصر
ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بلغ عدد الشركات الصينية العاملة في مصر حوالي 2066 شركة بحلول أكتوبر 2024، بإجمالي استثمارات تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
كما أشار تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع قيمة الاستثمارات الصينية في مصر بنسبة 5.9% خلال النصف الأول من العام المالي 2023/2024، لتصل إلى 443.2 مليون دولار.
وفي عام 2022، سجلت الاستثمارات الصينية المباشرة 1.6 مليار دولار، مما يعكس الزخم المتزايد لهذا التعاون.
أبرز الاستثمارات الصينية المعلن عنها
مجمع صناعي في العاشر من رمضان
في إطار جهود مصر لجذب الاستثمارات الصناعية، وقعت الهيئة العامة للاستثمار مذكرة تفاهم مع شركة "هاي" الصينية لإنشاء مجمع صناعي لتصنيع الأجهزة المنزلية والصناعات المغذية في مدينة العاشر من رمضان، باستثمارات تقدر بنحو 130 مليون دولار.
ويعد هذا المشروع جزءًا من استراتيجية مصر لتعزيز الصناعات المحلية وتوفير فرص عمل.
صناعة الخلايا الشمسية ورقائق السيليكون
وفي يونيو 2025، أعلنت شركة صينية عن استثمار 200 مليون دولار لإنشاء مجمع صناعي في العين السخنة لإنتاج الخلايا الشمسية ورقائق السيليكون على مساحة 200 ألف متر مربع.
ويعكس هذا المشروع تركيز الصين على دعم الطاقة المتجددة في مصر، وهو قطاع استراتيجي يتماشى مع رؤية مصر 2030.

صناعة مواسير الدكتايل
وشهد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مارس 2024، توقيع عقد مع شركة "شين شينج" الصينية لإقامة مصنع لإنتاج مواسير الدكتايل في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات تبلغ 146 مليون دولار.
ويهدف المشروع إلى تلبية الطلب المحلي وتصدير الفائض إلى الأسواق الإقليمية.
منطقة السويس الاقتصادية وتيدا
وتعد منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري (تيدا) من أبرز المبادرات الصينية في مصر، حيث استثمرت أكثر من 140 شركة صينية في هذه المنطقة، مع تركيز على الصناعات الثقيلة مثل الألياف الزجاجية، التي جعلت مصر ثالث أكبر منتج عالمي لهذه المادة.
وتظهر الإحصاءات أن استثمارات هذه المنطقة وصلت إلى 8.3 مليار دولار بحلول مايو 2025.
قطاع السيارات الكهربائية
تسعى شركة "فاو" الصينية لتصنيع السيارات الكهربائية في مصر، وهو مشروع يهدف إلى نقل التكنولوجيا وتعزيز التصنيع المحلي في قطاع حيوي.
دوافع الاستثمار الصيني
وتعزى جاذبية مصر للاستثمارات الصينية إلى عدة عوامل، منها البنية التحتية المتطورة التي تشمل شبكة الطرق والموانئ الحديثة، إلى جانب استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية نسبيًا.
كما أن موقع مصر الاستراتيجي كبوابة للأسواق الأفريقية والأوروبية، ودورها في مبادرة "الحزام والطريق"، يعززان من مكانتها كوجهة استثمارية.
وعلاوة على ذلك، توفر مصر حوافز استثمارية مثل الإعفاءات الضريبية في المناطق الحرة، مما يشجع الشركات الصينية على التوسع.
التوقعات المستقبلية
وتتطلع مصر إلى جذب استثمارات صينية جديدة بقيمة 500 مليون دولار خلال 2025، مع توقعات بنمو التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 10% ليصل إلى 17.6 مليار دولار.
وفي مايو 2025، استقبلت مصر ثلاث وفود أعمال صينية لاستكشاف فرص استثمارية جديدة.
كما أن هناك خططًا لإنشاء بنك صيني في مصر لتسهيل المعاملات المالية، مع بدء بعض البنوك المصرية في فتح حسابات باليوان الصيني.
ويمثل التمدد الصيني في الاستثمار بمصر فرصة ذهبية لتعزيز النمو الاقتصادي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها مصر لجذب النقد الأجنبي.
ومع ذلك، يتطلب هذا التعاون توازنًا دقيقًا لضمان حماية الصناعات المحلية وتحقيق استدامة اقتصادية.
ومع استمرار الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وبكين، تظل مصر في قلب اهتمامات المستثمرين الصينيين، مما يفتح آفاقًا واعدة للتعاون في المستقبل.