ذا بانكر: مسار تصاعدي لقطاع التمويل الإسلامي العالمي مدفوعا بالأداء القوي ومرونة إصدارات الصكوك

حافظ قطاع التمويل الإسلامي العالمي على مسار تصاعدي قوي في عام 2024، مدفوعًا بالأداء القوي للقطاع المصرفي ومرونة إصدارات الصكوك.
ووفقًا لمؤسسة ستاندرد آند بورز العالمية، نما إجمالي الأصول بنسبة 10.6% على مدار العام، حيث ساهمت أصول القطاع المصرفي بنحو 60% من هذا النمو، ارتفاعًا من 54% في عام 2023.
وظل جزء كبير من هذا الزخم متركزًا في الأسواق الرئيسية للقطاع، وخاصةً الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وماليزيا، إلا أن تقلبات ظروف السوق في دول مثل البحرين، حيث حقق البنك الأهلي المتحد الامتثال الكامل لأحكام الشريعة الإسلامية في إطار اندماجه مع بيت التمويل الكويتي، ساهمت في تعزيز مساهمة الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من بعض الدول الأخرى أيضًا.
وفي غضون ذلك، حافظت إصدارات الصكوك على قوتها، حيث بلغ إجمالي المعاملات 180 مليار دولار أمريكي، وفقًا للبنك الدولي ويكمن وراء هذا النمو البارز تحولٌ أكثر دلالة: فقد دخلت مجموعة أوسع من المُصدرين السوق في عام 2024، وأصبحت المعاملات أكثر تعقيدًا ومواءمة مع الأهداف الخضراء والاستدامة.
في عام 2024، استغلت إندونيسيا سوق الصكوك بما قيمته 2.35 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك شريحة بقيمة 600 مليون دولار أمريكي من الأدوات الخضراء لأجل 30 عامًا، وكانت هذه واحدة من العديد من الصفقات المماثلة التي تُبرز التقارب المتزايد، وإن كان تدريجيًا، بين التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية والتمويل المستدام.
ويظل هذا مجالًا يستحق المتابعة عن كثب حيث تسعى العديد من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى تحقيق أهداف تنموية طموحة مرتبطة بالتمويل الأخضر والاستدامة، والتي ستتطلب تمويلًا كبيرًا في السنوات المقبلة، مما يُبقي الباب مفتوحًا على مصراعيه أمام نمو مستقبلي في مجالات مثل الصكوك الخضراء.
بالإضافة إلى ذلك، سلّطت موجة من صفقات الصكوك للشركات لأول مرة في عام 2024 الضوء على الاهتمام المتزايد بهذه الأدوات كوسيلة لتنويع مصادر التمويل، وإذا ظلت ظروف السيولة مواتية خلال هذا العام، فمن المتوقع استمرار هذا التوجه.
وعكست جوائز ذا بانكر للخدمات المصرفية الإسلامية لعام 2025 هذه الاتجاهات الأوسع في القطاع، حيث تم تكريم العديد من الفائزين هذا العام لصفقاتهم المؤثرة في السوق ومساهماتهم المبتكرة.
وواصل المُقرضون تجاوز الحدود، ليس فقط من خلال المنتجات والخدمات الجديدة، ولكن أيضًا في هيكلة المعاملات والتسهيلات البارزة وعلاوة على ذلك، بنى العديد من الفائزين بوضوح خبراتهم الداخلية في الامتثال للشريعة الإسلامية والتنظيم.
وفي الأسواق ذات معدل انتشار التمويل الإسلامي المنخفض، مثل سريلانكا، تُكثّف البنوك جهودها لتقديم مبادرات تواصل جديدة، إلى جانب عروض رقمية مُحسّنة، لتعزيز الوعي وزيادة الإقبال على المنتجات المصرفية الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، يُكثّف العديد من هؤلاء المُقرضين مبادرات الشمول المالي من خلال تقديم خدمات للمجتمعات المهمّشة.
وفي أسواق أكثر تطورًا، تتوسع جهات الإقراض المتطورة بهياكل جديدة للصفقات، لا سيما فيما يتعلق بنماذج تمويل المرابحة والإجارة وهذا يُوسّع نطاق استخدام التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية في سوق تمويل المشاريع، وكذلك في الشراكات واسعة النطاق بين القطاعين العام والخاص.
على صعيد قطاع التجزئة، واصلت جهات الإقراض في دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا إثبات قدرة البنوك الإسلامية على مواكبة، بل وتجاوز، نظيراتها التقليدية في مجال الابتكارات الموجهة للعملاء، وتظهر أدوات رقمية جديدة، تغطي كل شيء من إدارة المحافظ إلى فتح الحسابات، بوتيرة متسارعة. ويعكس هذا، من نواحٍ عديدة، البيئة التنافسية الشديدة في معظم أسواق الخدمات المصرفية الإسلامية، والمتطلبات والتوقعات المتزايدة لعملائها من الأفراد.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات خطيرة تواجه هذا القطاع، وعلى وجه الخصوص، يلوح في الأفق تطور تنظيمي جديد قد يُعيد رسم ملامح مستقبل سوق الصكوك ويهدف مشروع المعيار الشرعي رقم 62، الذي اقترحته هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، إلى تشديد امتثال أدوات الصكوك لأحكام الشريعة من خلال اشتراط نقل أكثر دقة للأصول الأساسية إلى المستثمرين.
ووفقًا لبحث أجرته وكالة فيتش، قد يُحوّل هذا المعيار، في حال تطبيقه بالكامل، الصكوك إلى أدوات شبيهة بالأسهم، مما قد يُحدث اضطرابًا في السوق، ورغم أن التغييرات المقترحة لا تزال قيد التشاور، ومن المرجح أن تسمح للجهات التنظيمية الوطنية بمرونة في تفسيرها، إلا أنها أثارت مخاوف بشأن تجزئة السوق، وارتفاع تكاليف الإصدار، وتراجع إقبال المستثمرين.
ومن بعض النواحي، يُتوقع ظهور شكوك كهذه في قطاع لم يكتسب زخمًا ملموسًا في شكله الحديث إلا منذ سبعينيات القرن الماضي. ومع تعمق الخبرة في هذا القطاع، أصبحت معظم البنوك والمؤسسات المالية في وضع جيد للتكيف، والابتكار في طريقها لمواجهة جيل جديد من التحديات الهيكلية.