الخميس 22 مايو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

بين التثبيت والخفض.. ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي المصري لحسم الفائدة اليوم؟

الخميس 22/مايو/2025 - 01:23 م
ماذا سيحدث في اجتماع
ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي المصري اليوم؟

تتجه الأنظار صوب البنك المركزي المصري الذي يعقد، اليوم الخميس، اجتماعا جديدا للجنة السياسات النقدية وسط حالة من الترقب المشوب بالحذر، ما بين توقعات قوية بمواصلة خفض أسعار الفائدة، وأصوات ترى أن التثبيت قد يكون الخيار الأنسب في ظل اعتبارات داخلية وخارجية قوية.

وفي وقت تتعزز فيه المؤشرات الاقتصادية بتحسن نسبي في معدلات التضخم واستقرار السوق، يبقى السؤال مطروحا: هل يفضل المركزي التريث وتثبيت أسعار الفائدة حفاظا على التوازن النقدي؟ أم أن الفرصة سانحة للاستمرار في سياسة الخفض لدعم النمو الاقتصادي؟

توقعات اجتماع البنك المركزي: تثبيت الفائدة الأقرب

بين التثبيت والخفض.. ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي المصري اليوم؟

يرى الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، أن المرجح أن يتجه البنك المركزي المصري إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال اجتماعه، اليوم الخميس، مستندا في ذلك إلى عدة اعتبارات استراتيجية ترتبط بالسوق المحلية والتطورات النقدية العالمية.

وقال البهواشي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن الاقتصاد المصري بدأ يشهد تحسنا ملحوظا في عدد من المؤشرات الحيوية، أبرزها تراجع معدلات التضخم في مصر بشكل عام، رغم بعض الارتفاعات الطفيفة مؤخرًا، وهو ما يعكس فاعلية السياسات النقدية المتبعة، وفي مقدمتها خفض الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس خلال الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.

وأشار إلى أن القرار “الجريء” بخفض أسعار الفائدة الذي اتخذته اجتماع لجنة السياسات، في اجتماعها الماضي، استند إلى تحسن ملموس في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وسعى لدعم بيئة الاستثمار وتحفيز النشاط الإنتاجي، لكنه شدد على أن الإقدام على خفض إضافي الآن قد لا يكون مناسبا في ظل حساسية التوازنات النقدية، خاصة ما يتعلق باستقرار القطاع المصرفي.

لماذا تثبيت الفائدة في اجتماع اليوم الأقرب؟

وحذر البهواشي من أن خفضا جديدا في أسعار الفائدة قد ينتج عنه سحب سيولة نقدية كبيرة من البنوك وتوجيهها إلى قنوات غير رسمية أو ذات عوائد أعلى، مما يهدد مستويات الادخار ويضغط على قدرة البنوك في تمويل المشروعات الاقتصادية.

وأضاف أن القرار المنتظر للبنك المركزي يحظى بمتابعة محلية ودولية نظرًا لما يحمله من أهمية في موازنة الأهداف المزدوجة، بين دفع عجلة النمو والحفاظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين، مشيرًا إلى أن تثبيت أسعار الفائدة في الوقت الراهن قد يكون الخيار الأكثر أمانا واستقرارا، لحين اتضاح الاتجاه العام للدورة الاقتصادية ومدى استمرارية تحسن مؤشرات التضخم والنمو.

استطلاع دولي: خفض أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي اليوم

على الجانب الآخر، كشف استطلاع أجرته وكالة "رويترز" عن ترجيح أغلب المحللين لاحتمال خفض جديد في أسعار الفائدة، مشيرين إلى أن البنك المركزي قد يقدم على تقليص الفائدة بمتوسط 175 نقطة أساس خلال اجتماع اليوم الخميس 22 مايو 2025، ليواصل بذلك دورة التيسير التي بدأها في أبريل الماضي.

وبحسب الاستطلاع، الذي شمل 16 محللا اقتصاديا، فإن التوقعات تشير إلى انخفاض سعر فائدة الإيداع إلى 23.25%، بينما قد يتراجع سعر فائدة الإقراض إلى 24.25%.

HSBC: التأجيل سيكون "فرصة ضائعة"

ومن بين الآراء المؤيدة لخفض الفائدة، قال سيمون ويليامز، كبير الاقتصاديين ببنك "HSBC"، إن المؤشرات الحالية لا تستدعي الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة، معتبرا أن تأجيل الخفض في هذه المرحلة سيكون بمثابة "فرصة ضائعة" لا ينبغي التفريط فيها.

وفي الاتجاه ذاته، يرى جيمس سوانستون، المحلل الاقتصادي في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، أن الارتفاع الطفيف في معدل التضخم خلال شهري مارس وأبريل لا يشكل خطراً كبيرا على مسار التيسير النقدي، حيث إن سعر الفائدة الحقيقي في مصر لا يزال في نطاق إيجابي واضح، ما يمنح صناع السياسة النقدية مساحة مريحة للمضي قدما في خفض الفائدة بمقدار يصل إلى 200 نقطة أساس.

بين التثبيت والخفض.. ماذا سيحدث في اجتماع البنك المركزي المصري اليوم؟

انخفاض المعروض النقدي يعزز التوجه نحو الخفض

وبالتوازي مع ذلك، تظهر البيانات الرسمية أن البنك المركزي يعمل بشكل منتظم على تقليص السيولة في السوق، تنفيذا

 لالتزاماته بموجب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وقد تراجع نمو المعروض النقدي السنوي إلى 25.8% بنهاية مارس، مقابل 33.9% في نهاية فبراير، وهو ما يشير إلى ضبط أكبر في الكتلة النقدية المتاحة ويعزز فرص اتخاذ قرارات أكثر مرونة فيما يخص الفائدة.

وفي ظل هذا التباين في التوقعات، يبقى قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري غدًا محور اهتمام الأوساط الاقتصادية والمالية، إذ سيتحدد من خلاله اتجاه السياسة النقدية في المرحلة المقبلة، بين خيار التثبيت الذي يراعي الاستقرار النقدي، وخيار الخفض الذي يستهدف دعم النمو وتحفيز السوق.

ويبدو أن القرار، أيا كان، سيعكس توازنا دقيقا بين التحديات الداخلية والتقلبات الخارجية، في مشهد يعكس تعقيدات المرحلة ويؤكد أن إدارة السياسة النقدية باتت قائمة على قراءة عميقة ومستمرة للمتغيرات العالمية والاقتصادية.