الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
عمرو عامر
المشرف العام
عبدالعظيم حشيش
تحليل

عمرو عامر يكتب..في حق حسن عبد الله

الأحد 27/نوفمبر/2022 - 09:56 م
الكاتب الصحفي عمرو
الكاتب الصحفي عمرو عامر

 

الرجال أنواع ومعادن كمعادن الذهب والفضة لكل عيار قيمته، لكن النادر منها لا يقدر بثمن، وإذا كان لكل قاعدة استثناء فحسن عبد الله استثناء في قيادات البنوك، من أولى العزم من الرجال، نظرا للمهام الجسام التي يضطلع بها في مهمته المستحيلة..ضمان توفير السلع عبر اتاحة الدولارات التي تستورد بها، ضبط سعر سوق الصرف الأجنبي، مواجهة مافيا تجارة العملة والمخربين في الاقتصاد، برامج المنح والقروض وتوفير أقساط الديون، ضبط ايقاع البنوك، مواجهة الكوارث، التنسيق بين الدول الأخري ماليا،.. كل هذا جزء من كل في وظيفة محافظ البنك المركزي في الظروف الطبيعية أضف إليها توليه المسئولية في ظل  أزمة عالمية أخذت الأخضر واليابس وزلزلت التجارة العاليمة وعصفت بأسواق الصرف وقتلت الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وضربت بكل اللغات افتصاديات العالم.

ليلة الخميس 18 أغسطس الماضي أصدر  الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا بتعيين حسن عبد الله،  قائما بأعمال محافظ البنك المركزي، خلفا لطارق عامر المحافظ السابق للبنك المركزي .
وقتها أرجع مصرفيون اختيار حسن عبدالله للقيام بمهام القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري إلى ما يتمتع به من خبرة اقتصادية ومصرفية تمتد إلى 40  عاما.
وقالت التقارير السرية والتحليلات التي وضعت أمام صانع القرار وقتها إن حسن عبدالله يعد من أحد الخبراء الدوليين في قطاع إدارة الخزانة والمعاملات الدولية ويجيد إدارة أسواق المال وسياسات الفائدة وأدوات الدين باحترافية عالية وهو الأجدر أن يعبر بمصر في تلك الأمواج العاتية دوليا.
إذن هو اختيار صحيح وقرار موفق، وأثبت الدليل صحته، في الساعة الأولى لتوليه المسئولية كان على حسن عبد الله أن يعيد تقويم البيت من الداخل قبل أن يعالج التشوهات في النظام المصرفي المصري واستعان برجال الخبرة وأساطير المصارف وعلماء البنوك ورجال المهام الصعبة ، ثم بدأ بعدها في وضع الخطط للخروج من الأزمة وكانت أولى خطواته وقف الاستمرار في الحالة العبثية في أسواق الصرف، ورفض تدليل الجنيه وقرر أن يعطيه سعره العادل، وكان القرار الجريء بتصحيح الخطأ الذي وقع فيه أخرون قبله وقرر تحرير سعر صرف الجنيه، ليستقيم سعره ومعه استقامت المنظومة المصرفية وانهالت الاستثمارات وصفقات الاستحواذ بعدها وعادت الأموال الساخنة.

رويدا عاد الاستقرار للدولار وماتت السوق السوداء بالسكتة الدولارية بعدما أصبح السعر في البنوك متاحا طبقا لقوى العرض والطلب، بعدها قفز محافظ البنك المركزي فوق الأزمات وقرر الخروج بأفكاره خارج الصندوق فكانت فكرة تقليل فاتورة الاستيراد في أضيق الظروف الممكنة، وقرارات السحب والايداع وحرية التداول وتغليب قاعدة العرض والطلب، بجانب مبادرات توفير العملة الصعبة عبر تعظيم الموارد والتدفقات، كل ذلك أسهم في توفير الدولار والوفاء بالتزامات مصر الدولية وخدمة الديون واستيراد السلع الاستراتيجية دون معوقات، كلها حلول وتحركات ساهمت في تجنب البلاد مصير الجوع والفوضى التي وقعت فيهما دولا كثيرة حولنا وبعيدا عنها خرجت شعوبها تشتكي الجوع وندرة السلع وتدني الخدمات الرئيسية.
لم ينجح حسن عبد الله فقط في إدارة منظومة الصرف والبنوك وتوفير احتياجات الدولة بل جابت حلوله الأفاق وبقيت تجربة مصر نموذجا للتعامل مع الأزمات وهو ما أكدته هيئات التصنيف الدولية المعتمدة ووضعها مصر ضمن خانة الدول المستقرة ذات المستقبل المبشر، في وقت عادت فيه ثقة المستثمرين الأجانب لضخ المليارات في مشروعات على أرض مصر عقب مؤتمر المناخ وماكانت لتعود لولا حالة الاستقرار المالي في البلاد، لأن الشركات الأجنبية والصناديق الاستثمارية لاتجامل في أموالها ولا تراهن بها في أسواق مغامرة.. كان هذا بعضا مما حققه حسن عبد الله من انجازات، ولأن أفعال الرجال على قدر قاماتهم فمازال ينتظر محافظ البنك المركزي الكثير لينجزه.