الرقائق تنقذ الصادرات الكورية وتكشف ضعف القطاعات التقليدية
واصلت صادرات أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية لعب دور المحرك الرئيسي للتجارة الخارجية، مسهمة في إخفاء حالة الضعف التي تعانيها قطاعات تصديرية أخرى، وذلك خلال الأسابيع الأولى من شهر ديسمبر، في وقت لا يزال فيه الاقتصاد الكوري يتعامل مع تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية وتباطؤ الطلب العالمي.
وأظهرت بيانات صادرة عن مصلحة الجمارك الكورية أن الصادرات المعدلة وفق عدد أيام العمل ارتفعت بنسبة 3.6% على أساس سنوي خلال أول 20 يومًا من ديسمبر الجاري، مقارنة بنمو قوي بلغ 13% خلال شهر نوفمبر بأكمله، ما يعكس تباطؤًا ملحوظًا في وتيرة الزخم التجاري.
وسجلت الصادرات غير المعدلة زيادة قدرها 6.8%، في حين ارتفعت الواردات بنسبة 0.7%، ليحقق الميزان التجاري فائضًا قدره 3.8 مليار دولار، مدعومًا أساسًا بالأداء الاستثنائي لقطاع الرقائق.
تفوق واضح لقطاع أشباه الموصلات
قفزت صادرات أشباه الموصلات بنحو 42%، مواصلة مسار التعافي القوي بدعم من الطلب المرتبط بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والتوسع السريع في مراكز البيانات حول العالم. كما ارتفعت شحنات معدات الاتصالات اللاسلكية بنحو 18%، في إشارة إلى تحسن نسبي في بعض قطاعات التكنولوجيا.
غير أن هذا الأداء القوي أخفى تراجعًا حادًا في قطاعات تقليدية، إذ انخفضت صادرات السيارات بنسبة 13%، فيما واصلت المنتجات البتروكيماوية تسجيل ضعف ملحوظ، متأثرة بارتفاع تكاليف المدخلات وتنامي الإجراءات الحمائية الأمريكية.
وقال بومكي سون، كبير خبراء الاقتصاد في بنك باركليز، إن «الأرقام تبدو ضعيفة عند استبعاد أشباه الموصلات، ما يوضح إلى أي مدى يتمتع هذا القطاع بقوة استثنائية»، محذرًا من أن السياسة النقدية الحالية قد لا تكون مناسبة لمعظم قطاعات الاقتصاد باستثناء الرقائق وتكنولوجيا المعلومات.
تحديات أمام السياسة النقدية
في أواخر نوفمبر، اتجه بنك كوريا المركزي إلى تبني موقف أكثر حيادًا بعد أن أبقى سعر الفائدة الرئيسي عند 2.5%، ورفع توقعاته لنمو الاقتصاد في عام 2026 إلى 1.8%، مستندًا إلى قوة الصادرات وتحسن الاستهلاك الخاص. إلا أن محافظ البنك ري تشانغ يونغ أقر بأن جزءًا كبيرًا من هذا التحسن يعود إلى مكاسب قطاع الرقائق، ما يعكس هشاشة التعافي في بقية الاقتصاد.
وتوقع باركليز نمو الصادرات الكورية بنحو 2.1% خلال العام المقبل، لكنه رجّح ألا يتجاوز النمو 1.1% عند استبعاد صادرات أشباه الموصلات والاستثمارات المرتبطة بها، ما يسلط الضوء على اختلال هيكلي متزايد في الاقتصاد.
ضغوط العملة والتجارة الخارجية
يأتي تقرير التجارة في وقت تراجع فيه الوون الكوري بأكثر من 8% أمام الدولار منذ النصف الثاني من عام 2025، ما زاد من المخاوف التضخمية، خصوصًا مع تجاوز معدلات التضخم الأساسية والعامة مستهدف بنك كوريا البالغ 2%.
وعلى صعيد الشركاء التجاريين، ارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 6.5%، بينما تراجعت الشحنات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 1.7%، في حين سجلت الصادرات إلى تايوان وفيتنام نموًا قويًا بلغ 9.6% و20.4% على التوالي.
