خفض الفائدة يفوق التوقعات.. إلى أين تتجه السياسة النقدية التركية؟
أكد الخبير في الاقتصاد التركي أحمد الزيات أن قرار البنك المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس، وهو خفض جاء أعلى من متوسط التوقعات، يعكس قراءة دقيقة للمتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، وفي مقدمتها التراجع التدريجي لمعدلات التضخم، إلى جانب خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للفائدة خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح الزيات، أن التضخم في تركيا يشهد مسارًا هبوطيًا مستمرًا منذ أكثر من عام ونصف العام، وإن كان بوتيرة بطيئة نسبيًا، لكنه يتم بشكل منظم وتحت سيطرة واضحة من جانب السلطات النقدية.
وأشار إلى أن مستويات الفائدة المرتفعة التي استقرت لفترة طويلة في السوق التركي لعبت دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد، واحتواء الضغوط التضخمية، والحفاظ على جاذبية السوق أمام الاستثمارات الأجنبية.
رسالة البنك المركزي للأسواق
بحسب الزيات، فإن قرار خفض الفائدة بأكثر من المتوقع يحمل رسالة واضحة من البنك المركزي التركي مفادها أن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيدًا من التخفيضات التدريجية، لا سيما مع دخول عام 2026، في حال استمرار التحسن النسبي في مؤشرات التضخم واستقرار الأوضاع المالية.
وأضاف أن السياسة النقدية التركية تسير حاليًا وفق نهج حذر ومتوازن، يهدف إلى تحقيق تراجع مستدام في التضخم دون الإضرار بالنمو الاقتصادي أو التسبب في صدمات عنيفة للأسواق.
تحديات متوقعة في 2026
وحول آفاق عام 2026، توقع الزيات أن تواجه تركيا بعض التحديات المرتبطة بالتأثير الكمي لتشديد السياسة النقدية السابق، إلا أن ذلك لن يمنع البنك المركزي من مواصلة خفض الفائدة تدريجيًا، ورجّح أن تتراجع أسعار الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 23% و24% بنهاية عام 2026، إذا استمر المسار الحالي للسياسة النقدية ولم تحدث صدمات خارجية قوية.
قرار يفوق التوقعات
وكان البنك المركزي التركي قد أعلن، يوم الخميس، خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 150 نقطة أساس ليصل إلى 38%، وهو ما جاء عند الحد الأعلى لتوقعات الأسواق. وجاء القرار مدعومًا ببيانات حديثة أظهرت أن تباطؤ التضخم عاد إلى مساره النزولي بعد موجة ضغوط سعرية شهدتها البلاد خلال أشهر الصيف.
تطورات التضخم في تركيا
وأظهرت البيانات الرسمية أن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة 31.1% على أساس سنوي في نوفمبر/تشرين الثاني، مع زيادة شهرية بلغت 0.87%، وهي قراءات جاءت أقل من توقعات الأسواق.
وكان التضخم قد تجاوز التوقعات خلال شهري أغسطس وسبتمبر قبل أن يسجل قراءات أقل من المتوقع في أكتوبر ونوفمبر ما عزز ثقة المستثمرين في عودة المسار النزولي للتضخم.
انقسام التوقعات قبل القرار
وقبل صدور القرار، أظهر استطلاع لوكالة «رويترز» أن متوسط توقعات الخبراء كان يشير إلى خفض الفائدة بنحو 100 نقطة أساس لسعر إعادة الشراء لأجل أسبوع واحد، إلا أن بعض المشاركين رجّحوا خفضًا أكبر قد يصل إلى 150 نقطة أساس أو أكثر، وهو ما تحقق فعليًا.
