البرازيل تطلق مركزًا علميًا رائدًا لإنتاج الطاقة المتجددة من المحيطات تحت مظلة شبكة "بريكس"
في خطوة تُجسّد تزايد اهتمام دول مجموعة "بريكس" بتطوير حلول مبتكرة في مجالات الطاقة النظيفة، أعلنت البرازيل عن إطلاق مركز علمي متخصّص لإنتاج الطاقة المتجددة من المحيطات، وذلك في إطار استراتيجية وطنية أوسع تهدف إلى تعزيز الاعتماد على مصادر طاقة مستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية. وقد سلطت شبكة تلفزيون "بريكس" الدولية الضوء على هذا المشروع الذي يُعدّ الأول من نوعه في المنطقة من حيث الحجم والتخصص العلمي.
ويأتي إنشاء المركز في وقت تسعى فيه البرازيل إلى ترسيخ موقعها كقوة صاعدة في مجال الطاقة الخضراء، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستثنائي الممتد على ساحل يزيد طوله على 7 آلاف كيلومتر، وما يوفره من موارد بحرية ضخمة يمكن استثمارها في إنتاج الطاقة الزرقاء. ويهدف المركز الجديد إلى تطوير تقنيات مبتكرة لاستخلاص الطاقة من أمواج البحر، والمد والجزر، والتيارات البحرية، وهي مصادر تُعد أكثر استقراراً وتوقعاً مقارنة ببعض مصادر الطاقة المتجددة التقليدية مثل الشمس والرياح.
ووفق تقرير شبكة "بريكس"، فإن المركز سيعمل كمنصة متعددة الوظائف تجمع بين الأبحاث التطبيقية والابتكار الصناعي، مع توفير بيئة متكاملة للعلماء والمهندسين وخبراء الطاقة البحرية. كما سيتيح إجراء تجارب ميدانية على بنى تحتية بحرية متقدمة، واختبار تصميمات جديدة للعنفات والتوربينات البحرية، وتقييم أدائها في ظروف المحيط الحقيقية.
ويُنظر إلى المشروع باعتباره خطوة استراتيجية ضمن جهود مجموعة "بريكس" لتعزيز التعاون العلمي بين دولها الأعضاء. إذ من المتوقع أن يستقطب المركز شراكات بحثية من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا، بما يتيح تبادل الخبرات وتطوير مشروعات مشتركة في مجالات الطاقة البديلة. كما تسعى البرازيل من خلال هذا المشروع إلى تعزيز حضورها داخل المجموعة كلاعب متخصص في تقنيات الطاقة البحرية، بما يدعم دور "بريكس" كتحالف اقتصادي ساعٍ لخلق توازن أكبر في النظام الدولي للطاقة.
وعلى المستوى المحلي، يُمثّل المركز إضافة نوعية للجهود الوطنية الرامية إلى الوصول إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات بحلول عام 2050. حيث تعمل الحكومة البرازيلية بالتوازي على تطوير مشاريع للطاقة الشمسية والرياح، وتوسيع نطاق استخدام الوقود الحيوي، فيما يمثل الاستثمار في الطاقة البحرية توجهاً جديداً نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الأمن الطاقي الوطني.
ويرى خبراء الطاقة أن الاستثمار في تقنيات المحيطات قد يفتح للبرازيل آفاقاً اقتصادية واسعة. إذ تشير التقديرات إلى إمكانية توليد كميات كبيرة من الكهرباء من البحار والمحيطات دون المساس بالأنظمة البيئية البحرية، شريطة الالتزام بالمعايير العالمية لحماية التنوع البيولوجي. كما أن الاعتماد على مصادر لا تتأثر كثيراً بالطقس اليومي يمنح الشبكة الوطنية للطاقة مستويات أعلى من الاستقرار والموثوقية.
وتشير "بريكس" إلى أن المركز الجديد لن يقتصر دوره على البحث العلمي فقط، بل سيسهم أيضاً في دعم الصناعات المرتبطة بالطاقة البحرية، مثل الصناعات الهندسية، وتكنولوجيا المواد المتقدمة، والروبوتات المائية، والذكاء الاصطناعي في مراقبة الأداء. كما سيوفر فرصاً تدريبية للكوادر الشابة، مما يعزّز تكوين رأس مال بشري قادر على قيادة قطاع الطاقة المستدامة في المستقبل.
وتؤكد هذه الخطوة التزام البرازيل بدعم مسار التحول الأخضر العالمي، مع سعيها لتكون نموذجاً للدول النامية في كيفية استثمار مواردها الطبيعية في بناء اقتصاد يوازن بين النمو والتنمية المستدامة. ويُعتبر المشروع أيضاً رسالة واضحة بأن دول "بريكس" باتت تتجه بقوة نحو تطوير بنية تحتية معرفية وتقنية تنافس القوى التقليدية في سوق الطاقة العالمي.
