الأربعاء 03 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
عقارات

مدن القابضة.. قنبلة موقوته في رأس الحكمة تهدد سوق العقار المصري

الأربعاء 03/ديسمبر/2025 - 08:22 م
رأس الحكمة
رأس الحكمة

يثير مشروع تطوير منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، الذي تتولى تنفيذه شركة مدن القابضة الإماراتية ضمن اتفاق استثماري واسع مع الحكومة المصرية، نقاشات واسعة حول آثاره الحقيقية على الاقتصاد والمجتمع والبيئة، في ظل التركيز الواضح على مشروعات سياحية فاخرة موجهة لشرائح محدودة الدخل.

الصفقة التي أُعلن عنها كأحد أكبر الاستثمارات الأجنبية في تاريخ مصر العقاري تهدف لتحويل منطقة واسعة من الساحل إلى مدينة سياحية عالمية تتضمن فنادق ضخمة، ومراسي يخوت، ووحدات سكنية فارهة، ومجمعات ترفيهية. ورغم ضخامة الأرقام المرتبطة بالمشروع، إلا أن قطاعات من الخبراء والمواطنين يطرحون أسئلة حول أولوية هذا النوع من التطوير مقارنة بحاجات محلية أكثر إلحاحًا.

أولى الملاحظات تتعلق بالنموذج الاقتصادي للمشروع الذي يعتمد على السياحة والعقارات الفاخرة. هذا النموذج يحمل مخاطر معروفة، أهمها هشاشته أمام تقلبات الطلب العالمي والأزمات الاقتصادية. تاريخ المشروعات الساحلية المماثلة في المنطقة يشير إلى أن الأرباح الكبيرة يحققها المستثمرون والمطورون، بينما يظل العائد المجتمعي محدودًا ولا يخلق نمطًا اقتصاديًا مستدامًا يعتمد عليه السكان المحليون أو الدولة على المدى الطويل.

كما تبدي جهات عدة مخاوف من أن المشروع قد يؤدي إلى ضغط اجتماعي مباشر على سكان المنطقة الأصليين، خاصة الصيادين والعاملين في الأنشطة التقليدية المرتبطة بالبحر. هذه الفئات مهددة بفقدان مصادر رزقها مع تغير طبيعة الأراضي والسواحل وتحويلها إلى مناطق استثمارية مغلقة لا تسمح لهم بالاستمرار في نشاطهم المعتاد، ما يزيد فرص التهجير الاقتصادي والاجتماعي.

الجانب البيئي يمثل محورًا ثالثًا للانتقادات. تنفيذ بنية تحتية ضخمة في منطقة ساحلية حساسة بيئيًا قد يسبب أضرارًا طويلة الأمد للنظام البيولوجي في البحر والشاطئ، إضافة إلى الضغط على موارد المياه. كما يخشى مختصون من أن التوسع العمراني قد يغير طبيعة الشاطئ ويقلل من قيمته الطبيعية التي تعد أساس جاذبيته السياحية.

وتبرز كذلك أسئلة حول الشفافية. فغياب نشر تفاصيل العقود، ونقص المعلومات الكاملة عن نسب الأرباح، وآليات الرقابة، وحجم التزامات الشركة على المدى الطويل، يفتح الباب لتساؤلات تتعلق بضمان مصالح الدولة والمجتمع المحلي. الشفافية في مثل هذه المشروعات تعتبر شرطًا أساسيًا لبناء الثقة وضمان أن المشروع لا يتحول إلى عبء لاحقًا.

وعلى مستوى سوق العقارات، يحذر متابعون من احتمال تضخم الأسعار في المنطقة المحيطة بالمشروع دون وجود طلب حقيقي مستدام، وهو ما قد يؤدي إلى ركود عقاري لاحق أو خسائر للمشترين الذين يدخلون السوق بدافع التوقعات المبالغ فيها للعائد.

في ضوء هذه المعطيات تتزايد المطالبات بمراجعة شاملة لضمان أن تطوير رأس الحكمة يسير في إطار تنمية متوازنة توفر فرص عمل حقيقية، وتحمي البيئة الساحلية، وتحافظ على حقوق المجتمعات المحلية، وتضمن عائدًا اقتصاديًا يعود على الدولة والمجتمع لا على شريحة ضيقة فقط.

ومع استمرار تنفيذ المشروع فإن الإجابة على هذه الأسئلة ستظل معيارًا رئيسيًا للحكم على نجاح الصفقة من عدمه، خاصة في ظل احتياج الاقتصاد المصري إلى استثمارات ذات أثر تنموي مباشر وليس فقط تدفقات مالية عابرة أو مشروعات ترفيهية محدودة الجدوى المجتمعية.