الحكومة تنجح في وقف نزيف الدولار.. توفير 1.8 مليار دولار من قطاع واحد
إزاي مصر قدرت توفر 1.8 مليار دولار من واردات الموبايلات في 5 سنين؟ وليه الدولة أصلاً مصمّمة تقلّل الاستيراد بأي شكل؟ وهل فعلاً مصر داخلة على مرحلة جديدة في صناعة الإلكترونيات ؟ وإزاي رقم ضخم بالشكل ده اتشال من فاتورة الاستيراد في وقت قصير؟ الأسئلة دي هي اللي بتشغل دماغ أي حد بيتابع الاقتصاد المصري اليومين دول .. وخصوصاً بعد ما بقت صناعة الموبايلات واحدة من أسرع الصناعات نموّاً في البلد.
القصة بدأت سنة 2020 لما كانت مصر بتستورد موبايلات بأكتر من 1.8 مليار دولار.. رقم كبيرجدا.. ومع نموّ الطلب على الموبايلات بشكل جنوني كان الطبيعي إن الفاتورة دي تطلع مش تنزل.
لكن اللي حصل كان العكس فاتورة الاستيراد نزلت بشكل تدريجي لحد ما وصلت لأقل من 165 مليون دولار بس السنة اللي فاتت.. ورغم إن الرقم ممكن يزيد شوية مع نهاية 2025 لكن المرة دي الوضع مختلف لأن فيه صادرات بقت بتعوض جزء من الفاتورة وده في حد ذاته نقلة ماكنّاش نشوفها من كام سنة.
طب حصل إزاي؟
الموضوع اتبنى على أكتر من ركيزة.. أول حاجة فرض تعريفة جمركية على الموبايلات المستوردة، وده خلى التصنيع المحلي خيار أكثر جاذبية للشركات.
بعدها الدولة نقلت من نظام الاعتمادات المستندية لمستندات التحصيل سنة 2021.. وده كان ليه تأثير مباشر في تقليل الاستيراد العشوائي. ومع انخفاض سعر الجنيه، الاستيراد بقى أغلى، وبالتالي التصنيع المحلي بقى هو الحل الأكثر جدوى.
في نفس التوقيت، الحكومة ركّزت على مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات” اللي أصبحت فعلياً نقطة التحول الكبرى.

المبادرة مش بس جذبت مستثمرين، دي خلت 15 علامة تجارية عالمية زي سامسونغ، شاومي، أوبو، فيفو وغيرها، يقرروا يصنّعوا في مصر بطاقة إنتاجية 20 مليون موبايل في السنة، واستثمارات تعدّت الـ200 مليون دولار. الخطوة دي لوحدها غيّرت قواعد اللعبة، لأن استيراد المكوّنات أرخص بكتير من استيراد موبايل كامل، وبالتالي الفاتورة الإجمالية نزلت، والدولة بدأت تكسب.
السنة اللي فاتت مصر صدّرت موبايلات بقيمة 17 مليون دولار، وأنتجت 3 ملايين وحدة محلياً، والهدف يوصل لـ9 ملايين موبايل سنة 2026. يعني إحنا بنتكلم عن قطاع بيطلع السلم بسرعة، ومستقبله أكبر بكتير من اللي ظاهر دلوقتي. ومع كل موبايل بيتصنع جوه البلد، القيمة المضافة بتزيد، والاعتماد على الخارج بيقل، والعملة الصعبة بتتوفر.
المبادرة مش واقفة عند الموبايلات.. لأ كمان داخلة في الحواسب المحمولة، التلفزيونات، أجهزة الملاحة، وتصميم الدوائر الإلكترونية.. وعلشان الصناعة دي تقف على رجلين ثابتة، الدولة اشتغلت على الكوادر البشرية مبادرات زي “مصر الرقمية” بدأت تدرّب طلاب من تالتة ابتدائي على البرمجة والأمن السيبراني ومع الوقت هيتكوّن جيل فاهم تكنولوجيا من الصغر.
القطاع كبر بشكل واضح بدليل إن عدد الشركات العاملة في تصميم الدوائر الإلكترونية والأنظمة المدمجة زاد من 34 شركة سنة 2016 لأكتر من 80 شركة في 2024، منهم شركات عالمية ومحلية.. كمان مركز “إمحوتب للإبداع والتطوير” بقى نواة لمنظومة قوية بيضم شركات ناشئة ومساحات بتدعم الابتكار وبرامج تدريب على تصنيع أشباه الموصلات والأتمتة الصناعية.
كل ده بيقول إن مصر مش بس بتوفر عملة صعبة.. لكنها بتأسس لصناعة حقيقية، تخلق وظائف، وتزود الصادرات، وتحوّل البلد لمركز إقليمي في صناعة الإلكترونيات.. وده السبب الحقيقي اللي يخلي تقليل الاستيراد مش مجرد هدف اقتصادي لكنه خطوة استراتيجية لتغيير مستقبل صناعة التكنولوجيا في مصر.

