تحركات طارئة في بنوك مصر.. إيه اللي بيحصل بعد قرار المركزي؟
يا ترى ليه فجأة البنوك بقت بتصدر شهادات “فوائد مدفوعة مقدّمًا”؟ وليه بنوك تانية رجعت تعرض شهادات بعائد تراكمي يتصرف مرة واحدة في آخر المدة؟ وإيه اللي خلى سباق جذب الودائع يولّع بالشكل ده بعد اجتماع البنك المركزي يوم الخميس اللي فات وتثبيت الفايدة؟ وهل ده معناه إن اتجاه خفض الفايدة لسه مكمل؟ ولا البنوك بتسبق الأحداث وبتظبط منتجاتها قبل أي تحرك جاى؟
الأسئلة دي بقت بتشغل بال أي حد معاه مدخرات وعاوز يحافظ على قيمة فلوسه، خصوصًا بعد شهور من موجات خفض الفايدة المتتالية اللي خلت العائد الحقيقي يتراجع بشكل ملحوظ.
وبمجرد ما البنك المركزي ثبت الفايدة الخميس اللي فات، البنوك بدأت تتحرك بسرعة أكبر، مش علشان التثبيت في حد ذاته، لكن علشان رسالة السوق بقت واضحة: التيسير النقدي مكمل، والخفض اللي حصل من أبريل لحد أكتوبر بإجمالي 625 نقطة أساس مش النهاية.
وده بالضبط اللي خلى البنوك تدخل في مرحلة إعادة هيكلة كاملة لمنتجات الادخار.. يعني من الآخر، البنوك بقت في منافسة مباشرة على سيولة الأفراد، لأن الودائع دي هي مصدر التمويل الأرخص والأكثر استقرار بالنسبة ليها.

ومع توقف شهادات الفايدة المرتفعة جدًا زي 27% و23.5% في أبريل، ومع استمرار ضغوط التكلفة، كان لازم يطلعوا بمنتجات جديدة تحافظ على جاذبية الادخار رغم إن العائد الاسمي نفسه نزل.
وده اللي يفسّر ليه بقينا نشوف شهادات بعائد مدفوع مقدّمًا. بنوك زي الإمارات دبي الوطني عرض شهادة 3 سنين بعائد 37.5% يتحصل عليه العميل فور الشراء. اللي بيحصل هنا إن البنك بيضمن السيولة من بداية المدة، والعميل بيستفيد بعائد كبير دلوقتي حتى لو متوسط العائد السنوي الحقيقي أقل من أرقام زمان. وده نفس الأسلوب اللي استخدمه التجاري وفا بفايدة 31.5% مقدّمًا، والعربي الأفريقي بـ35% مقدّمًا.
في نفس الوقت، بنوك تانية راحت للعائد التراكمي، وده نوع من المنتجات بيدّي العميل إحساس إن الرقم النهائي كبير حتى لو الفايدة السنوية مش هي الأعلى. زي شهادة العربي الأفريقي الرباعية اللي بتوصل لعائد تراكمي 100% في نهاية المدة بعائد سنوي مركب حوالي 18.9%. وهنا البنك بيستفيد إن تكلفة الفائدة ما بتتدفعش بشكل دوري، وده بيوفر له سيولة تشغيلية أكبر، وفي المقابل العميل بيحصل على رقم مغري في الآخر.
التنوع مش بس في العائد، لكن كمان في دورية الصرف.. في شهادات يومية، وفي شهرية، وفي سنوية، وفي مقدّمًا، وفي تراكمي، وكل ده جزء من خطة البنوك إنها تلبّي كل أنواع المتطلبات بعد ما السوق بقى أكثر حساسية لأي تحرك في الفايدة. اللجان الداخلية للبنوك اللي اسمها “الألكو” بقت في اجتماعات شبه يومية لإعادة تسعير المنتجات بناء على سيولة البنك، واحتياجاته التمويلية، وسلوك العملاء، ومستوى المنافسة بين البنوك وبعضها.
لكن في نقطة مهمة جدًا بتفسّر ليه البنوك عندها مرونة كبيرة اليومين دول. البنك المركزي معفي الشهادات من الاحتياطي الإلزامي، اللي هو 18% من الودائع اللي البنوك بتلتزم بإيداعها عند المركزي بدون عائد كإجراء احترازي. الإعفاء ده بيدي البنوك قدرة أكبر على طرح شهادات بعوائد مميزة لأنها ببساطة مش مضطرة تحجز جزء من الفلوس عند المركزي، وده بيحسن صافي العائد ليها.
وبما إن البنك المركزي ثبت الفايدة الأسبوع اللي فات، فده معناه إن البنوك شايفة إن اتجاه الخفض مش توقف، لكنه اتأجل، وإنها محتاجة تستبق أي خطوة جاية بتحسين المنتجات الادخارية علشان تحافظ على التدفقات الداخلة بدل ما تفقد ودائع لصالح أدوات تانية.
ومع استمرار الطلب على الائتمان خصوصًا من الشركات التمويلية والأفراد، البنوك محتاجة تمويل مستمر ومنخفض التكلفة بقدر الإمكان.
فاللي بيحصل النهارده إن البنوك بتعمل إعادة تموضع كاملة لمنتجات الادخار علشان توازن بين تكلفة الأموال، وجذب الودائع، واستمرار المنافسة. ومع أي قرار قادم من البنك المركزي، سواء بالتثبيت أو الخفض، هنشوف موجة تانية من التغييرات، لأن السوق بقى بيتحرّك بسرعة، والبنوك مش هتسيب ولا عميل يروح لمكان تاني.

