النفط يتراجع 1.5% مع تكثيف جهود السلام بين روسيا وأوكرانيا وضغوط الدولار
هبطت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الجمعة بنسبة 1.5% لتواصل خسائرها للجلسة الثالثة على التوالي، في ظل ضغوط متزايدة ناتجة عن جهود دبلوماسية أميركية مكثفة للتوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يسهم في زيادة معروض الخام في الأسواق العالمية خلال الفترة المقبلة. وتزامن ذلك مع تراجع شهية المستثمرين للمخاطرة نتيجة حالة عدم اليقين بشأن مسار خفض الفائدة الأميركية، والتي أثرت بشكل ملحوظ في اتجاهات التداول في أسواق الطاقة.
وتراجع خام برنت بنحو 93 سنتاً، ليصل إلى 62.45 دولار للبرميل، بينما هبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 98 سنتاً إلى مستوى 58.02 دولار للبرميل. ووفق تقديرات محللين، من المرجح أن يتكبد الخامان خسائر أسبوعية تتجاوز 2.5%، مع محو جزء كبير من المكاسب التي تحققت في الأسبوع الماضي، وسط تزايد التوقعات بارتفاع المعروض وفقدان السوق جزءاً من علاوة المخاطر الجيوسياسية.
مفاوضات السلام تلغي جزءًا من علاوة المخاطر
تشير التطورات الأخيرة إلى تحول مزاج الأسواق نحو قدر من التشاؤم، مع دفع واشنطن خطة سلام مقترحة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام. وتزامن ذلك مع دخول العقوبات الأميركية على شركتي النفط الروسيتين "روسنفت" و"لوك أويل" حيّز التنفيذ بدءًا من اليوم الجمعة، ما زاد من حالة الترقب في الأسواق.
وقال محللو "ساكسو بنك" إن أسعار النفط وسّعت خسائرها بعد أن وافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على دراسة خطة السلام التي صاغتها الولايات المتحدة وروسيا، بالتزامن مع تطبيق العقوبات الجديدة على الشركات الروسية. واعتبر توني سيكامور، محلل الأسواق لدى "آي جي"، أن عدم رفض أوكرانيا للخطة يمنح احتمالية –ولو ضعيفة– لإبرام اتفاق، وهو ما يضغط على الأسعار من خلال تحييد جزء من المخاطر الجيوسياسية التي دعمت أسعار النفط على مدار الأشهر الماضية.
لكن محللين لدى "إيه إن زد" عبروا عن شكوكهم في إمكانية الوصول إلى اتفاق قريب، مؤكدين أن كييف سبق أن رفضت مراراً مطالب موسكو، ما يجعل فرص التوصل إلى اختراق سياسي ما تزال محدودة. وأضافوا أن الأسواق تشك أيضًا في مدى قدرة العقوبات الجديدة على تقييد صادرات "روسنفت" و"لوك أويل"، حيث تمتلك الأخيرة مهلة حتى 13 ديسمبر لبيع محفظتها الدولية.
قوة الدولار تضيف مزيداً من الضغوط
إلى جانب التطورات الجيوسياسية، تعرضت أسعار النفط لضغوط إضافية بفعل صعود الدولار الأميركي، الذي يجعل شراء السلع المقومة به أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. وفي الأسواق الآسيوية، زادت العملة الأميركية مكاسبها بعد أن قلّص المستثمرون توقعاتهم لخفض الفائدة خلال اجتماع ديسمبر المقبل، عقب نشر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي لشهر أكتوبر، والذي أظهر انقساماً واضحاً بين أعضاء البنك بشأن آفاق السياسة النقدية.
ومع تزايد الرهان على الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية لفترة أطول، يتجه الدولار نحو تسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، وهو ما يعمق الضغط البيعي على عقود النفط في الأسواق العالمية. وتُظهر تحركات المستثمرين أن السوق باتت أكثر حساسية لأي مؤشرات اقتصادية أو بيانات تتعلق بمسار التضخم والتوظيف في الولايات المتحدة، باعتبارها عوامل مؤثرة في تقييم الطلب المستقبلي على الطاقة.
سوق النفط بين الترقب وفقدان الاتجاه
ويرى محللون أن السوق تمر بمرحلة من الترقب الواضح قبل ترسخ أي اتجاه جديد، خاصة في ظل تشابك العوامل المؤثرة بين السياسة والجغرافيا والاقتصاد العالمي. فبينما قد يؤدي أي تقدم فعلي في جهود السلام إلى زيادة الإمدادات الروسية ورفع المعروض في السوق، فإن عدم إحراز تقدم ملموس قد يعيد علاوة المخاطر مجدداً إلى التداولات.
ومع ترقب المتعاملين بيانات أميركية وأوروبية جديدة الأسبوع المقبل، يتوقع خبراء استمرار حالة التذبذب خلال المدى القصير، إلى حين اتضاح اتجاهات السياسة النقدية الأميركية وتطورات المفاوضات السياسية بين موسكو وكييف.
