ما علاقة التضخم بالبورصة.. وكيف يتأثر سوق المال المصري؟
يرتبط التضخم ارتباطًا وثيقًا بأداء سوق المال، إذ يُعد من أبرز العوامل التي تحدد اتجاهات المستثمرين وتقييماتهم للأصول، فعندما ترتفع معدلات التضخم، تتجه الأنظار إلى الأسهم باعتبارها أصولًا حقيقية تحافظ على قيمتها مع تراجع القوة الشرائية للنقود، مما يجعل البورصة إحدى القنوات الاستثمارية الأكثر جذبًا في فترات ارتفاع الأسعار.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي هاني جنينة، كبير الاقتصاديين بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن رفع البنك المركزي المصري لمستهدفات التضخم إلى 25% من شأنه أن يُحدث ما وصفه بـ"انفجار إيجابي في البورصة"، نتيجة إعادة تقييم المستثمرين لقيمة الأصول المدرجة بالسوق باعتبارها أدوات تحفظ القيمة في مواجهة التضخم.
وأوضح جنينة في تصريحاته لـ “بانكير”، أن الأسهم، مثل الذهب والدولار، تمثل أصولًا حقيقية ترتفع قيمتها مع زيادة الأسعار، مضيفًا: "لو أعلن البنك المركزي أن التضخم بلغ 50% مثلًا، سنجد البورصة ترتفع بقوة لأن أسعار الأصول سترتفع بدورها."
وأشار إلى أن رفع مستهدف التضخم إلى 14 أو 15% فقط ستكون تأثيراته محدودة على السوق، بينما رفع المستهدف إلى 25% سيقود إلى موجة صعود قوية نتيجة تسعير جديد لقيمة الأصول، مؤكدا أن العنصر الأهم حاليًا هو الاتجاه الهبوطي للتضخم الفعلي، الذي يعزز من ثقة المستثمرين واستقرار السوق.
الفائدة.. المحرك الخفي لحركة الأسهم
وبيّن جنينة أن المستثمرين بدأوا بالفعل في تسعير الفائدة المستقبلية عند مستويات بين 9% و13% مقارنة بمستوياتها الحالية البالغة نحو 22%، مشيرًا إلى أن هذه التوقعات تحمل تأثيرًا مزدوجًا على البورصة.
التأثير الأول يتمثل في تحفيز النشاط الاستثماري والاستهلاكي نتيجة تراجع تكلفة الاقتراض، وهو ما انعكس بالفعل على نتائج أعمال الشركات خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث تحسنت القوة الشرائية للأفراد وارتفعت المبيعات.
أما التأثير الثاني، فيتعلق بشركات التمويل غير المصرفي مثل فاليو، التي تعتمد على عمليات التوريق (بيع محفظة القروض مقابل سيولة فورية).
وأوضح جنينة أن هذه الشركات تستفيد بشكل كبير عند انخفاض أسعار الفائدة، لأنها حينها تحقق فارقًا إيجابيًا في العائد، ما يرفع أرباحها ويعزز أداء القطاع المالي ككل.
إعادة تقييم الأصول وجاذبية السوق
وأكد جنينة أن البورصة المصرية مقبلة على مرحلة إعادة تقييم واسعة حال استمرار الاتجاه الهبوطي للتضخم والفائدة، موضحًا أن الأسهم المصرية ما زالت أقل من قيمها الحقيقية مقارنة بالأصول الأخرى مثل العقارات والذهب والدولار.
وأضاف أن أي تغيرات جوهرية في سياسة البنك المركزي سواء بخفض الفائدة أو تعديل مستهدفات التضخم ستفتح المجال أمام تدفقات جديدة من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، لتستفيد من موجة إعادة التسعير المنتظرة للأصول في السوق المصري.
