الأربعاء 05 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

تحدٍ جديد.. والجنيه يرد بقوة: مصر تواجه التضخم دون ارتباك

الأربعاء 05/نوفمبر/2025 - 04:17 م
التضخم في مصر
التضخم في مصر

في لحظة اقتصادية حاسمة، يترقب المصريون والمراقبون الدوليون صدور بيانات التضخم الرسمية لشهر أكتوبر 2025، الذي يعد أول اختبار حقيقي لقدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب قرار رفع أسعار الوقود، خاصة السولار، في ظل تراجع الطلب الاستهلاكي، وانخفاض سعر صرف الدولار، وتوقعات إيجابية لعودة الملاحة في البحر الأحمر.

وهناك مجموعة من التساؤلات المطروحة، أهمها، هل ستكون الزيادة في أسعار الطاقة شرارة لموجة تضخمية جديدة، أم ستذوب في بحر العوامل المخففة؟.

وفي هذا التقرير، من بانكير، الوضع الراهن، لنرسم صورة شاملة لما ينتظر المواطن والسوق في الأسابيع المقبلة.

الوضع الحالي للتضخم والاقتصاد المصري

وشهد الاقتصاد المصري خلال الأشهر الأخيرة تباطؤاً ملحوظاً في معدلات التضخم، بعد سنوات من الضغوط الناجمة عن تعويم الجنيه، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، واضطرابات سلاسل الإمداد.

ووفقاً لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل التضخم السنوي في المناطق الحضرية 11.7%، وفي المناطق الريفية 10.3% خلال شهر أكتوبر 2025 نفسه، مقارنة بمستويات تجاوزت 30% في ذروة الأزمة عام 2023.

وهذا التراجع لم يأت من فراغ، فقد ساهم انخفاض سعر صرف الدولار من مستويات قياسية تجاوزت 50 جنيهاً إلى أقل من 48 جنيهاً حالياً في خفض تكاليف الاستيراد، خاصة للسلع الغذائية والمكونات الصناعية.

وعلى صعيد الطاقة، جاء قرار رفع أسعار الوقود في توقيت حساس، إذ يعد السولار شريان الحياة لقطاعات حيوية مثل النقل الجماعي، والصناعة، والزراعة، والكهرباء، ومع ذلك، أعلنت الحكومة تجميد أي زيادات إضافية لمدة عام كامل، في محاولة لامتصاص الصدمة تدريجياً.

وفي الوقت نفسه، انخفضت أسعار النفط العالمي من 78 دولاراً للبرميل إلى 62 دولاراً، رغم تراجع الإنتاج المحلي، مما يمنح الخزانة هامشاً مالياً لدعم الفئات الأكثر تضرراً.

التضخم في مصر

من جهة أخرى، يعزز الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي تجاوز 46 مليار دولار، ثقة المستثمرين، مدعوماً بتحسن التصنيف الائتماني من B- إلى B مستقر لدى وكالة فيتش.

كما يراهن الخبراء على عودة الملاحة الكاملة في قناة السويس بعد توقف التوترات في غزة، مما سيرفع إيرادات العملة الصعبة، ويعيد الحيوية لقطاع السياحة الذي يتوقع أن يسجل نمواً يفوق 20% في الموسم الشتوي.

وهذه العوامل مجتمعة تشكل شبكة أمان، لكن السؤال المحوري يظل: كم سيكون تأثير رفع الوقود على مؤشر أسعار المستهلكين؟.

ارتفاع محدود أم انفجار للتضخم

وكشف الخبير الاقتصادي الدكتور حسن هيكل، عن توقعاته لمعدلات التضخم في شهر أكتوبر 2025، مؤكداً أن الارتفاع الناتج عن زيادة أسعار الوقود سيظل محدوداً ومضبوطاً بفضل عوامل إيجابية متعددة.

وقال الدكتور هيكل: "بالطبع، زيادة أسعار الوقود يتبعها ارتفاع متفاوت في أسعار السلع والخدمات المختلفة، خاصة ما يعتمد على الطاقة أو تمثل مصاريف النقل نسبة كبيرة من تكاليفها، والزيادة طالت السولار تحديداً، وهو ما تعتمد عليه الغلايات في المصانع، وسيارات النقل، والباصات، والميني باصات، والسفن، وبعض محطات إنتاج الكهرباء، وغيرها".

وأضاف: "كان الطبيعي أن تتجاوز نسبة التضخم 3% وربما تصل إلى 4% في أكتوبر 2025، إلا أن الزيادة جاءت في توقيت كانت اتجاهات التضخم تتجه فيه نحو الهبوط، حيث سجلت 10.3% في الريف و11.7% في الحضر خلال الشهر نفسه، مع تراجع الطلب الاستهلاكي".

وتابع الخبير الاقتصادي: "أتوقع أن يتراوح التضخم في أكتوبر 2025 بين 11.8% و12.8% على أقصى تقدير، أي ارتفاعاً يتراوح ما بين 1.5% إلى 2.5% على الأكثر بفعل زيادة أسعار الوقود، مع تجميد الزيادة لمدة سنة كاملة".

الخبير الاقتصادي حسن هيكل

وأرجع هيكل هذا الارتفاع المحدود إلى انخفاض سعر الدولار الذي يؤدي إلى تراجع تدريجي في أسعار المكونات والسلع المستوردة، وهو ما يظهر بوضوح في أسعار السيارات والعقارات، إلى جانب تراجع أسعار النفط العالمية من 78 دولاراً للبرميل إلى 62 دولاراً رغم انخفاض الإنتاج المحلي، فضلاً عن توقعات ما بعد توقف حرب غزة وعودة الملاحة الطبيعية في البحر الأحمر وقناة السويس، مع آمال بانتعاش قطاع السياحة وزيادة الإيرادات الدولارية.

واختتم هيكل: "كل هذه العوامل، إلى جانب زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتحسن التصنيف الائتماني من B- إلى B مستقر لدى وكالة فيتش ووكالات التصنيف الأخرى، وتلبية مطلب صندوق النقد الدولي برفع أسعار الوقود قبل المراجعة القادمة لصرف الشريحتين الخامسة والسادسة، تجعل من أكتوبر 2025 شهراً يشهد تضخماً مضبوطاً، وليس انفجاراً في الأسعار".

التوازن السمة المسيطرة

من جانبه، قدم الخبير الاقتصادي الدكتور سمير رؤوف رؤية أكثر تفاؤلاً، مشيراً إلى أن التضخم في أكتوبر 2025 لن يتجاوز 1% على أقصى تقدير، وربما يصل إلى 0.5% أو أقل، وفقاً للمعدلات المتوقعة.

وقال الدكتور رؤوف: "سنشهد ارتفاعاً يتراوح بين نصف في المئة وواحد في المئة على أقصى تقدير، لأن أسعار الخضروات والفاكهة قد ارتفعت بالفعل، مما أحدث تأثيراً ملحوظاً، ومع ذلك، هناك قطاعات أخرى تشهد انخفاضاً كلياً أو جزئياً، مما يؤدي إلى متوسط عام يعادل الارتفاع بالانخفاض، فالأمر هنا مركب ومتوازن".

الخبير الاقتصادي سمير رؤوف

وأضاف: "عند الحديث عن الاقتصاد بشكل عام، فإننا نتوقع نصف في المئة أو واحد في المئة على أقصى تقدير، خاصة أن البنك المركزي يسعى جاهداً للحفاظ على مستويات التضخم دون تصاعد، وقد اتخذ قراره بالفعل، وكان تأثيره واضحاً على السلع الغذائية بشكل كبير.

وتابع: "ولكن هذه الجزئية قد تكون مركبة بعض الشيء، وقد لا نشهد أكثر من نصف في المئة في النهاية".

وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذا التوازن يأتي نتيجة تفاعل عوامل متعددة، تجعل التأثير الإجمالي لزيادة أسعار الوقود محدوداً، مع سيطرة البنك المركزي على ديناميكيات السوق، مما يعزز الاستقرار في أكتوبر 2025.

وتتفق رؤى الخبيرين هيكل ورؤوف على نقطة محورية، وهي أن الاقتصاد المصري قادر على احتواء صدمة الوقود دون انزلاق إلى دوامة تضخمية.

وبينما يرى هيكل ارتفاعاً يصل إلى 2.5% كحد أقصى، يراهن رؤوف على أقل من 1%، وهذا التباين يعكس تعقيد السوق، لكنه يؤكد أيضاً أن عوامل الاستقرار أقوى من الضغوط المؤقتة.

ومع اقتراب المراجعة القادمة لصندوق النقد الدولي، يبقى أكتوبر 2025 محطة فارقة ستحدد مسار الإصلاحات الاقتصادية لعام كامل قادم.