كنز مدفون تحت رمال شلاتين.. ما الذي وجدته مصر في جبل علبة؟

في قلب الصحراء الشرقية، حيث تروي رمال شلاتين حكايات الفراعنة، تكتب مصر فصلاً جديداً في سجلها الذهبي، حيث تتأهب شركة آفاق للتعدين المصرية للإعلان عن اكتشاف تجاري مذهل لرواسب الذهب في منطقة غرب جبل علبة، باحتياطيات مبدئية تقدر بنحو 200 ألف أونصة.
وهذا الكشف ليس مجرد إضافة إلى ثروات مصر المعدنية، بل هو خطوة طموحة تعزز مكانتها كمركز عالمي لتعدين الذهب، وتدعم رؤيتها الاقتصادية لجذب استثمارات بقيمة مليار دولار بحلول 2030.
ومع ارتفاع أسعار الذهب عالمياً إلى مستويات قياسية، يفتح هذا الاكتشاف آفاقاً واعدة لتعزيز الاحتياطي النقدي ودفع عجلة التنمية المستدامة في واحدة من أكثر المناطق النائية في البلاد، وهو ما نستعرض تفاصيله، في هذا التقرير، من بانكير.
تفاصيل الكشف التجاري في غرب جبل علبة
وتستعد شركة آفاق للتعدين، التابعة لمجموعة آفاق القابضة التي تأسست في 2018، لتقديم دراسة الكشف التجاري إلى هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية المصرية خلال الأسبوع الجاري.
وتشير التقديرات الأولية إلى احتياطيات ذهب تصل إلى 200 ألف أونصة في منطقة غرب جبل علبة، التي حصلت عليها الشركة كمنطقة امتياز في 2019، حيث تقع هذه المنطقة على بعد 50 كيلومتراً غرب ساحل البحر الأحمر و90 كيلومتراً جنوب غرب مدينة شلاتين، قرب الحدود المصرية السودانية، مما يجعلها موقعاً استراتيجياً يدعم الكفاءة اللوجستية.
ومن المتوقع أن تستغرق الهيئة 60 يوم عمل لمراجعة الدراسة، تمهيداً لتأسيس شركة مشتركة بين آفاق وشركة شلاتين للثروة المعدنية لتطوير المشروع.

دفعة قوية لاحتياطيات مصر
يأتي هذا الاكتشاف وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار الذهب، التي تجاوزت 3500 دولار للأونصة في أكتوبر 2025، ومع إنتاج مصر الحالي البالغ 15.8 طن سنوياً – يتركز معظمه في منجم السكري إلى جانب حمش وإيقات – يتوقع أن يرفع منجم غرب جبل علبة الإنتاج الوطني بنسبة 10-15% خلال السنوات القادمة.
وتشير التقديرات إلى أن الاحتياطيات المكتشفة قد تدر إيرادات تصل إلى 700 مليون دولار على مدار عمر المنجم، مما يعزز احتياطيات النقد الأجنبي ويخفف الضغط على الجنيه المصري، كما يتماشى هذا الكشف مع طموحات الحكومة لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5-6% بحلول 2030، مقارنة بأقل من 1% حالياً.
خطط إنشاء مصنع لإنتاج الذهب
وتجري آفاق للتعدين مفاوضات مع الحكومة المصرية لإنشاء مصنع لمعالجة الذهب في المنطقة باستثمارات تبلغ 50 مليون دولار، حيث سيستغرق إنشاء المصنع عامين، وسيتم تصميمه لاستخراج وتكرير الذهب بكفاءة عالية، مما يعزز القيمة المضافة للخام المستخرج.
ويتوقع أن يوفر المصنع حوالي 700 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يدعم التنمية المحلية في شلاتين ويعزز استقرار المناطق النائية.
التزام بالتعدين المستدام والمسؤولية الاجتماعية
وتلتزم آفاق للتعدين بمعايير التعدين الصديقة للبيئة، حيث ستعتمد تقنيات حديثة مثل إعادة تدوير المياه وتقليل الانبعاثات، ونظراً لقرب المنطقة من مواقع أثرية في هاليب وشلاتين، ستجرى دراسات بيئية وأثرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار لضمان الحفاظ على التراث الثقافي.
كما ستقوم الشركة بتخصيص جزء من الأرباح لدعم المجتمعات المحلية من خلال مشاريع تنموية تشمل بناء مدارس ومراكز صحية، مما يعكس التزامها بالمسؤولية الاجتماعية.
مصر كمركز لتعدين الذهب
ويعد اكتشاف غرب جبل علبة خطوة محورية نحو تحقيق رؤية مصر 2030 لتنويع الاقتصاد، ومع خطط إطلاق مزاد دولي جديد لتراخيص الاستكشاف في نوفمبر 2025، تتطلع مصر لتوسيع الاحتياطيات المكتشفة إلى أكثر من 500 ألف أونصة في مناطق أخرى بالصحراء الشرقية.
وهذا الاكتشاف يعزز جاذبية مصر كوجهة استثمارية، حيث جذبت بالفعل شركات من كندا وأستراليا والإمارات في مزادات سابقة.
ويمثل اكتشاف الـ200 ألف أونصة في غرب جبل علبة نقطة تحول في مسيرة مصر نحو استغلال ثرواتها المعدنية، ومع الشراكات الاستراتيجية والاستثمارات المستدامة، تستعد مصر لتكون لاعباً رئيسياً في سوق الذهب العالمي، معززةً اقتصادها ومستقبل أجيالها القادمة.