الجمعة 05 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

القطاع الخاص يعود بعد 8 أشهر عجاف.. هل تبدأ مصر عصرها الذهبي الجديد؟ | خبراء يضيئون الدرب

الجمعة 05/ديسمبر/2025 - 04:49 م
القطاع الخاص المصري
القطاع الخاص المصري

سجل مؤشر مديري المشتريات (PMI) للقطاع الخاص غير النفطي في مصر عودة إلى منطقة النمو فوق حاجز 50 نقطة لأول مرة منذ 8 أشهر في نوفمبر 2025، منهياً أطول سلسلة انكماش منذ جائحة كورونا.

وتأتي هذه الإشارة الإيجابية مدعومة بتسارع نمو الناتج المحلي الحقيقي إلى 4.5% في السنة المالية 2024-2025 مقابل 2.4% فقط في العام السابق.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نحلل أسباب التعافي، والقطاعات الأكثر وعدًا، والخطوات العاجلة لتحويل القطاع الخاص إلى المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي.

انتهى الكابوس ولكن الطريق لا يزال طويلاً

وقال الدكتور سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، إن الانكماش الذي استمر 8 أشهر في القطاع الخاص كان مدفوعاً بالدرجة الأولى بانهيار النشاط العقاري نتيجة تذبذب أسعار الصرف وتراجع أسعار مواد البناء الأساسية مثل الحديد والأسمنت، ما أدى إلى توقف معظم المشروعات العقارية وانخفاض حاد في الطلب، مضيفاً أن هذا القطاع كان يمثل وزناً كبيراً في النشاط الخاص، فكان تأثيره مباشراً على المؤشر الكلي.

وأوضح الدكتور رؤوف لـ "بانكير"، أن المرحلة القادمة تحمل فرصاً استثنائية في قطاعات أخرى قادرة على تعويض التراجع العقاري وقيادة النمو بقوة، مشيراً إلى أن الزراعة تأتي في صدارة القطاعات الواعدة مع توافر ملايين الأفدنة الجديدة في مشروعات الدلتا الجديدة وتوشكى والعين السخنة، إلى جانب ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات الزراعية.

كما يرى أن السياحة ستشهد طفرة كبيرة مع عودة تدفقات السائحين وتوسع الرحلات الجوية وإنشاء فنادق جديدة، فيما ستستفيد الصناعة التحويلية والتصديرية من انخفاض تكلفة الإنتاج بالجنيه وارتفاع التنافسية العالمية للمنتج المصري.

وأضاف أن قطاع البنوك والخدمات المالية سيستمر في النمو السريع بفضل الشمول المالي والتكنولوجيا المالية.

الدكتور سمير رؤوف

كيف نعظم مردود القطاع الخاص؟

وحول الإجراءات العاجلة لتعظيم نمو القطاع الخاص، شدد الدكتور رؤوف على أن أسرع وأقوى أداة متاحة اليوم هي إعادة النظر في السياسة الضريبية، موضحاً أن تقديم حوافز ضريبية حقيقية وتخفيض معدلات الضرائب على الأرباح والمبيعات للشركات بجميع أحجامها مع تبسيط الإجراءات الضريبية سيحدث تنشيطاً فورياً في الاستثمار والتشغيل.

وأكد أن وزارة المالية تمتلك أدوات كثيرة قادرة على تحويل القطاع الخاص من مجرد مشارك إلى قائد حقيقي للنمو.

واختتم الدكتور رؤوف تصريحاته قائلاً: "إذا أردنا أن يصبح القطاع الخاص المحرك الأساسي للناتج المحلي خلال السنوات الخمس القادمة، فعلينا اليوم أن نمنحه بيئة جاذبة تتضمن ضرائب أقل، إجراءات أيسر، تمويلاً أرخص، وثقة أكبر في استقرار سعر الصرف والسياسات الاقتصادية".

2025 نقطة انعطاف

من جانبه، وصف الدكتور حسن هيكل، الخبير الاقتصادي، عام 2025 بأنه نقطة انعطاف حقيقية بعد سنوات من الصدمات، مشيراً إلى أن السنة المالية 2024-2025 شهدت قفزة في معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي إلى 4.5% مقابل 2.4% فقط في العام السابق، مع تسارع النمو إلى 4.3% في الربع الثاني ثم 4.77% في الربع الثالث وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

وأوضح الدكتور هيكل، لـ “بانكير”، أن القطاعات التي تقود التعافي حالياً هي الصناعات التحويلية غير البترولية التي قفز مؤشر إنتاجها بنسبة 16.03% في الربع الثالث بعد انكماش 4% في نفس الربع من العام الماضي، مدعوماً بنمو إنتاج السيارات بنسبة 93%، والملابس الجاهزة 58%، والمشروبات 34%، والورق 20%، والمنسوجات 17%.

كما سجلت السياحة نمواً بنسبة 23% مع وصول أعداد السائحين إلى حد قياسي و41 مليون ليلة سياحية، إلى جانب استمرار الأداء القوي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

الدكتور حسن هيكل

التحول إلى الاقتصاد الحقيقي بات ضرورة لا خيار

في المقابل، لا يزال نشاط قناة السويس يعاني تراجعاً بنسبة 23.1% في الربع الثالث بعد انهيار 51.6% في الربع المناظر العام الماضي بسبب التوترات الجيوسياسية، كما تراجعت الصناعات الاستخراجية وقطاع الجملة والتجزئة.

وأكد الدكتور هيكل أن هذه الأرقام تؤكد ضرورة التحول السريع نحو الصناعة غير النفطية والقطاعات المرتبطة بالتصدير والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والنقل، لأن هذا التحول هو السبيل الوحيد لتقليل الاعتماد على النفط وقناة السويس والأموال الساخنة وزيادة استدامة النمو.

وحول الإجراءات العاجلة، دعا الدكتور هيكل إلى خفض التضخم وأسعار الفائدة مع تثبيت سعر الصرف، وضبط الإنفاق غير الإنتاجي، وتوجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية البشرية واللوجستية، واستهداف خفض نسبة خدمة الدين إلى الإيرادات خلال الثلاث سنوات القادمة.

كما طالب بإطلاق منصة رقمية وطنية للصادرات المصرية، وتوفير أراضٍ صناعية مرفقة بسرعة، وإنهاء التأخيرات في الشهر العقاري وهيئة الاستثمار، وإعادة تشغيل المصانع المغلقة، وتبني سياسة الإنتاج من أجل التصدير، وعرض المشروعات والأراضي أولاً على المصريين في الخارج، وإنشاء هيئة وطنية لتنمية الاستثمارات تجمع الدولة بالمستثمرين الوطنيين لتطوير قطاعات البتروكيماويات وتكنولوجيا المعلومات.

واختتم الدكتور هيكل تصريحاته قائلاً: "لا أمل في نمو حقيقي ومستدام إلا بتنمية قطاعات الاقتصاد الحقيقي: الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين والسياحة، مع تقليل الاعتماد على الأموال الساخنة"، لافتًا إلى أن القطاع الخاص جاهز تماماً لقيادة هذه المرحلة، لكن الوقت ضيق والفرصة لن تتكرر.

استغلال الفرص

ولم يعد القطاع الخاص المصري مجرد رقم في مؤشر PMI الذي عاد أخيراً فوق الـ50، بل أصبح سؤالاً وجودياً يطرحه الاقتصاد المصري على نفسه: هل نكتفي باحتفال مؤقت بعودة النمو، أم نستغل هذه اللحظة التاريخية لنحول القطاع الخاص من "ضحية ظروف" إلى "صانع مستقبل"؟، فالأرقام تؤكد أن الفرصة سانحة أكثر من أي وقت مضى.

فمصر الآن تملك، تكلفة إنتاج منخفضة، عملة تنافسية، طلب عالمي متزايد على الغذاء والمنسوجات والتكنولوجيا، وجيل جديد من المستثمرين المصريين في الخارج ينتظر فقط إشارة حقيقية للعودة بأمواله وخبراته.