إزاي تتأثر أسعار الذهب عالميا بعودة الحرب التجارية بين أمريكا والصين؟

عاد شبح الحرب التجارية ليخيم من جديد على الأسواق العالمية، بعدما تصاعدت حدة الخلافات بين الولايات المتحدة والصين في الأيام الأخيرة، ما أشعل موجة جديدة من القلق دفعت المستثمرين للاتجاه نحو الملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب. 

وبين تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، ورد بكين الذي لم يخل من التحذيرات، عادت الأسواق إلى دائرة التوتر التي تشعل عادة أسعار المعادن النفيسة وتزيد من الطلب على الأصول الآمنة وسط غموض المشهد الاقتصادي العالمي.

استئناف المحادثات بين أمريكا والصين.. شوف توقعات اللي هيحصل

سر تراجع الذهب بعد التوصل إلى اتفاق بين أمريكا والصين؟.. شوف اللي حصل

أسعار الذهب تقفز إلى مستويات قياسية تاريخية

في ظل هذه الأجواء المشحونة، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.5% ليصل إلى 4,197.79 دولارا للأوقية، بعدما بلغ مستوى قياسيا غير مسبوق عند 4,215.05 دولارًا في وقت سابق من جلسة التداول.

هذا الصعود جاء مدفوعا بحالة القلق العالمي وتزايد الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة لمواجهة تداعيات التوترات التجارية وتباطؤ النمو.

قرارات ترامب تشعل المواجهة مع بكين

تصاعدت الأزمة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على البضائع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة، إلى جانب قيود تصدير جديدة على البرمجيات الأساسية من المقرر تطبيقها مطلع نوفمبر، وتأتي هذه القرارات ردا على القيود الصينية المفروضة على تصدير العناصر والمعدات الأرضية النادرة التي تعد أساسية لصناعات التكنولوجيا الأمريكية.

من جانبها، دافعت بكين عن موقفها معتبرة أن إجراءاتها "مبررة"، لكنها اختارت عدم الرد بالمثل عبر رسوم جديدة، في خطوة فسرها محللون على أنها محاولة لتجنب تفاقم الأزمة في الوقت الراهن.

الذهب والفضة يستفيدان من عودة المخاطر

ويرى خبراء الأسواق أن موجة الارتفاع الأخيرة في أسعار الذهب والفضة جاءت نتيجة عودة المخاطر العالمية من بوابة التوتر التجاري، بعد أن كان التركيز خلال الأسابيع الماضية على التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وقال محللون إن المستثمرين باتوا يعتبرون أن الصراع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم هو الخطر الأكبر الذي قد يهدد استقرار الأسواق خلال الربع الأخير من العام.

وبالتوازي مع الذهب، سجلت أسعار الفضة قفزة قوية بلغت 3.20% لتصل إلى 52.60 دولارا للأونصة، مدفوعة بالعوامل ذاتها، إلى جانب ضيق المعروض في السوق الفورية الذي زاد من حدة الصعود.

توقعات البنوك والمؤسسات المالية لـ أسعار الذهب والفضة 

في أحدث تقاريره، توقع بنك جولدمان ساكس استمرار ارتفاع أسعار الفضة على المدى المتوسط، بدعم من تدفقات الاستثمار الخاص، لكنه في المقابل حذر من تزايد تقلبات الأسعار على المدى القصير واحتمال تعرضها لتصحيح هبوطي مقارنة بالذهب الذي يظل أكثر استقرارا.

أما الذهب فقد ارتفع منذ بداية العام بنسبة 53%، مستفيدًا من تزايد الطلب عليه كملاذ آمن في ظل المخاطر الجيوسياسية وتوسع عمليات شراء البنوك المركزية حول العالم، إلى جانب تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة والتوقعات المتزايدة بخفض الفائدة الأمريكية.

أنظار الأسواق تتجه نحو الفيدرالي الأمريكي

تترقب الأسواق كلمة جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خلال اجتماعه المرتقب أمام الجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال غدًا الثلاثاء، حيث ينتظر المستثمرون إشارات جديدة حول اتجاه السياسة النقدية الأمريكية وخطط خفض الفائدة، كما سيتحدث عدد من مسؤولي الفيدرالي على مدار الأسبوع، ما قد يزيد من تقلبات أسعار الذهب والعملات.

ولم يكن الذهب والفضة وحدهما في صدارة المشهد، إذ ارتفع البلاتين بنسبة 3.3% ليصل إلى 1,639.10 دولارًا للأوقية، فيما صعد البلاديوم بنسبة 3.1% إلى 1,449.36 دولارًا، في مؤشر واضح على اتساع موجة الإقبال على المعادن النفيسة مع تصاعد المخاوف الاقتصادية وتزايد عدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين.

تأثير التوترات السياسية على أسعار الذهب

تؤكد التطورات الأخيرة أن أسعار الذهب أصبحت مرآة دقيقة للتوترات السياسية والاقتصادية العالمية، فكلما اشتعلت المواجهة بين واشنطن وبكين، ارتفعت الأسعار بحثا عن الأمان. 

ومع غياب مؤشرات على تسوية قريبة، يتوقع محللون استمرار الموجة الصاعدة للذهب على المدى المتوسط، مع احتمالية تسجيل مستويات قياسية جديدة حال تصاعد الحرب التجارية أو تأخر الفيدرالي في خفض الفائدة.