رفع التصنيف الائتماني لمصر.. خبراء يؤكدون: خطوة جديدة تعزز الثقة الدولية في الاقتصاد الوطني

في خطوة تعكس تجدد ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي والاستمرار في تحقيق مؤشرات نمو إيجابية، رفعت وكالة «ستاندرد أند بورز» التصنيف الائتماني لمصر من «B-» إلى «B»، مع الإبقاء على التصنيف السيادي قصير الأجل عند «B».
ويعد رفع التصنيف الائتماني لمصر إشارة واضحة إلى نجاح الحكومة في المضي قدمًا نحو تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية جريئة، ساهمت في إعادة التوازن إلى الأسواق وتحقيق قدر من الاستقرار في بيئة الاستثمار، رغم التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
«ستاندرد أند بورز» تشيد بمرونة الاقتصاد المصري
وأوضحت وكالة «ستاندرد أند بورز» في تقريرها أن التحول إلى نظام سعر صرف مرن كان أحد أبرز العوامل التي أسهمت في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث أدى إلى تحقيق معدلات نمو أعلى وزيادة تدفقات السياحة وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، إلى جانب تحسن ملحوظ في التدفقات المالية الصافية، وهو ما انعكس إيجابيا على الوضع الخارجي للاقتصاد المصري.

كما أكدت الوكالة أن الموازنة العامة للدولة سجلت فائضا أوليا يعادل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2025، معتبرة أن هذا الإنجاز يعبر عن نجاح الحكومة في ضبط الإنفاق وتحسين كفاءة الإيرادات العامة، رغم الضغوط الاقتصادية والتحديات التمويلية.
وفي المقابل، شددت «ستاندرد أند بورز» على أن المالية العامة المصرية لا تزال تواجه تحديات هيكلية، أهمها ارتفاع فاتورة الفوائد على الدين العام، ما يتطلب العمل على تمديد متوسط آجال استحقاق الدين المحلي وتوسيع قاعدة التمويل طويل الأجل لتقليل مخاطر السيولة.
وأكدت الوكالة أن النظرة المستقبلية المستقرة لمصر تعكس توازنا بين تحسن آفاق النمو الاقتصادي وميزان المدفوعات من جهة، واستمرار ارتفاع عجز الموازنة ومستويات الدين الحكومي بما في ذلك الالتزامات الخارجية من جهة أخرى، مشيرة إلى أن استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية سيكون هو العامل الحاسم في تعزيز مكانة مصر الائتمانية خلال المرحلة المقبلة.
خبير اقتصادي: خطوة مهمة تؤكد استقرار الاقتصاد المصري
وفي تعليقه على القرار، قال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب إن رفع التصنيف الائتماني لمصر من «B-» إلى «B» مع الإبقاء على التصنيف قصير الأجل عند «B» يعد خطوة بالغة الأهمية في مسار الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن هذا القرار يعكس ثقة المجتمع المالي الدولي في قدرة الدولة على المضي قدما في إصلاحاتها الاقتصادية وتحقيق استقرار مالي مستدام.
وأضاف خطاب، في أن هذا التغيير في التصنيف جاء نتيجة استقرار الاقتصاد المصري لفترات طويلة، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة إلى جانب انخفاض مستويات التضخم، مؤكدًا أن هذه المؤشرات الإيجابية تمثل ثمرة السياسات النقدية والمالية المنضبطة التي انتهجها البنك المركزي والحكومة خلال السنوات الأخيرة.

وأشار إلى أن تحسن التصنيف الائتماني سيساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويزيد من قدرة الدولة على خفض تكلفة الاقتراض، مما سينعكس إيجابا على معدلات النمو وفرص العمل، معربا عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدا من التحسينات الاقتصادية التي تعزز من تنافسية السوق المصرية إقليميا ودوليا.
توقعات بتحسن أوسع مع انتهاء حرب غزة
وأكد الخبير الاقتصادي أن مصر تشهد حاليا استقرارا نقديا ملحوظا مدعوما بوفرة الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي، وهو ما يمنح الاقتصاد المصري مرونة في مواجهة أية صدمات خارجية محتملة.
وتوقع خطاب أن تشهد الفترة المقبلة ارتفاعا تدريجيا في معدلات النمو مع تحسن الأوضاع الإقليمية، خاصة عقب انتهاء الحرب في غزة، مشيرا إلى أن عودة الهدوء إلى المنطقة سيعيد الاستقرار إلى الشرق الأوسط ويساهم في انتعاش حركة التجارة العالمية.
كما أوضح أن استقرار الأوضاع الجيوسياسية سينعكس بشكل مباشر على عودة النشاط التجاري لقناة السويس، ما يرفع من إيراداتها ويسهم في تعزيز الاحتياطي النقدي وتحسين مستوى ميزان المدفوعات، مؤكدًا أن ذلك سيفتح المجال أمام مصر لتحقيق نمو متزايد في مختلف القطاعات الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في مجالات النقل، والصناعة، والخدمات، والاستثمار الأجنبي المباشر.

التحسن في التصنيف الائتماني بداية مرحلة جديدة
ويرى خطاب أن المرحلة المقبلة تتطلب مواصلة الجهود الإصلاحية التي بدأتها الدولة لضمان استدامة المكاسب الاقتصادية المحققة، مشيرًا إلى أهمية التركيز على خفض الدين العام تدريجيًا، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي لخفض الاعتماد على الواردات.
وشدد على أن التحسن في التصنيف الائتماني لا يعد نهاية الطريق، بل هو بداية مرحلة جديدة من العمل الجاد لاستكمال الإصلاحات وتعميقها، بما يضمن تعزيز الثقة الدولية وترسيخ مكانة مصر كأحد أبرز الاقتصادات الواعدة في المنطقة، القادرة على تحقيق توازن مالي ونقدي مستدام في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة.