السيارات الصينية تغزوا الأسواق في مصر.. ما الأسباب؟

يشهد سوق السيارات المصري منذ مطلع عام 2025 تحولا نوعيا غير مسبوق، بعد أن أصبحت السيارات الصينية لاعبا رئيسيا في تشكيل خريطة الصناعة والتجارة المحلية، فمن الإقبال الواسع على الطرازات الجديدة، مستندة إلى مزيج من الجودة المتطورة والسعر التنافسي والرؤية الاستراتيجية التي تستهدف جعل مصر بوابة انطلاق للأسواق الإفريقية والعالمية.
ويجمع خبراء السيارات في مصر على أن ما يحدث اليوم هو إعادة رسم كاملة لموازين القوة داخل سوق السيارات المصري، فبينما كانت الماركات الأوروبية واليابانية تهيمن على خيارات المستهلك لعقود طويلة، أصبحت الشركات الصينية تمتلك اليوم القدرة على منافستها في المواصفات والتقنيات، مع أسعار أكثر مرونة تلائم شرائح الدخل المختلفة، ما جعلها تحصد ثقة المستهلك وتحقق انتشارا متسارعًا في وقت وجيز.
السيارات الصينية في مصر
وفي هذا السياق، يقول المهندس رأفت مسروجة، خبير المبيعات والتسويق، إن الصين تتعامل مع السوق المصري بمنظور استراتيجي يتجاوز فكرة التصدير، إذ تستهدف جعل مصر قاعدة تصنيع إقليمية ومنصة انطلاق نحو القارة الإفريقية بفضل موقعها الجغرافي وتوافر الكوادر والبنية التحتية الصناعية.

وأشار مسروجة، في تصريحات لبرنامج “عربيتي” المذاع على راجيو مصر، إلى أن هذا التوجه يأتي بعد قفزة تقنية وصناعية كبيرة حققتها الصين في السنوات الأخيرة، مكنتها من فرض حضورها في أسواق كبرى والمنافسة على أعلى المستويات.
وأوضح مسروجة أن النجاح الصيني الحالي في سوق السيارات المصري يختلف جذريا عن تجربة الماضي، عندما انسحبت بعض التوكيلات قبل نحو 14 عامًا بسبب أخطاء تقنية وضعف في خدمات ما بعد البيع.
وأكد أن الصين تعلمت من تلك التجربة ونجحت في تطوير تقنياتها وإدارة علاماتها التجارية، حتى أصبحت اليوم تقدم سيارات بمواصفات متقدمة وضمانات ممتدة وجودة تصنيع تضاهي العلامات العالمية.
مواصفات السيارات الصينية في مصر
من جانبه، أكد علاء السبع، رئيس شركة السبع أوتوموتيف، أن السيارات الصينية باتت تلقى إقبالًا واسعًا من المواطنين بفضل ملاءمتها للقدرة الشرائية وتنوع طرازاتها.
وقال السبع، في تصريحات تليفزيونية للعربية، إن الشركات الصينية تمتلك ذكاءً تسويقيا يجعلها تختار الأسواق الأنسب، موضحا أن السوق المصري يمثل بيئة مثالية للتوسع بسبب اتساع قاعدة المستهلكين الباحثين عن الجودة والسعر المناسب في آن واحد.

وأضاف السبع أن السيارات الصينية المطروحة حاليًا في السوق تتميز بجودة متقاربة وتصميمات عصرية جريئة، تعكس التقدم الكبير في صناعة السيارات الصينية، مشيرا إلى أن بعض المستهلكين لا يزالون يفضلون العلامات التقليدية، إلا أن الجيل الجديد من المشترين بات أكثر انفتاحا على التجربة الصينية لما توفره من قيمة مقابل السعر.
تأثير تنوع سوق السيارات في مصر على الأسعار
ويرى السبع أن اتساع التنوع داخل السوق المصري يعد من أبرز مكاسب المرحلة الراهنة، موضحا أن دخول عدد كبير من الماركات الجديدة يعزز المنافسة ويحد من ارتفاع الأسعار، على عكس فترات الركود التي شهدت قلة في الطرازات وتراجعا في الإنتاج، مشيرا إلى أن تنوع المعروض يدفع الشركات لتقديم مزايا إضافية وعروض تسويقية قوية لخدمة المستهلك.
ولفت إلى أن السيارات الأوروبية تظل الأغلى في السوق المصري وتستهدف شريحة محدودة من ذوي القدرات الشرائية المرتفعة، بينما توفر السيارات الصينية والآسيوية بدائل عملية تلائم فئات متعددة من المستهلكين.

وقال رئيس شركة السبع أوتوموتيف إن هذا التنوع يمثل ميزة استراتيجية للسوق المحلي لأنه يخلق توازنًا بين الفئات السعرية المختلفة ويمنح كل عميل ما يناسب احتياجاته وإمكاناته.
وبينما تتجه الأنظار إلى تطورات الشراكات الصناعية الصينية في مصر، يتفق الخبراء على أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحولات أعمق في خريطة الصناعة، حيث تقترب مصر من أن تصبح مركزا رئيسيا لصناعة السيارات في الشرق الأوسط وإفريقيا بفضل الشراكات الصينية الصاعدة.