بنك إنجلترا يحذر من فقاعة الذكاء الاصطناعي وتصحيح وشيك في الأسواق العالمية

حذر بنك إنجلترا من احتمالية تعرض الأسواق المالية العالمية إلى فقاعة ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن مستويات التقييم الحالية لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت مرتفعة بشكل غير مسبوق، ما قد يؤدي إلى تصحيح حاد في الأسواق خلال الفترة المقبلة.
وأوضح البنك المركزي البريطاني، في تقرير مالي حديث نقلته وكالة رويترز، أن العالم يشهد حاليًا موجة من الحماس المفرط تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، على نحو يعيد إلى الأذهان فقاعة الإنترنت التي ضربت الأسواق في مطلع الألفية الجديدة، مؤكدًا أن هناك تشابهًا كبيرًا في المؤشرات والسلوك الاستثماري للمستثمرين في الحالتين.
وأشار بنك إنجلترا إلى أن حوالي 30% من القيمة الإجمالية لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأمريكي تأتي الآن من خمس شركات فقط تركز على الذكاء الاصطناعي، وهو أعلى تركّز يشهده المؤشر منذ ما يقرب من نصف قرن، ما يُظهر مدى اعتماد الأسواق على أداء عدد محدود من الشركات العملاقة مثل إنفيديا، مايكروسوفت، ألفابت، أبل، وأمازون.
وأضاف التقرير أن الاعتماد المفرط على قطاع الذكاء الاصطناعي يرفع من احتمالات حدوث اضطرابات مالية في حال حدوث أي تصحيح في قيم الأسهم أو تراجع في التوقعات المستقبلية لأرباح هذه الشركات. كما أشار البنك إلى أن الأسواق قد تكون مقبلة على مرحلة "إعادة تقييم واقعية" بعد موجة من الارتفاعات الحادة غير المستدامة.
وفي سياق متصل، حذّر البنك من أن التهديدات التي تواجه استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد تُضعف الثقة في العملة الأمريكية، وتؤدي إلى تراجع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى. وأوضح أن التدخلات السياسية أو الضغوط الاقتصادية قد تؤثر سلبًا على قرارات السياسة النقدية، ما يضيف مزيدًا من التقلبات إلى الأسواق العالمية.
كما لفت بنك إنجلترا إلى أن حالة القلق بين المستثمرين العالميين تتزايد، وهو ما دفع العديد منهم إلى التحوّط من المخاطر عبر الاستثمار في الأصول البديلة مثل الذهب والعملات المشفرة. وشهدت أسواق الذهب العالمية خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب نتيجة المخاوف من تراجع أسواق الأسهم وحدوث تصحيح سعري واسع.
وأشار خبراء ماليون إلى أن تحذيرات بنك إنجلترا تأتي في توقيت دقيق، حيث تسعى العديد من البنوك المركزية العالمية إلى إعادة ضبط سياساتها النقدية بعد فترة طويلة من التشديد لمواجهة التضخم. وأكد المحللون أن أي هبوط مفاجئ في قيم شركات الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تداعيات ممتدة على الأسواق الناشئة، وربما يُحدث موجة من الذعر المالي المشابهة لأزمة عام 2008.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الابتكار التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي يظل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي العالمي، لكنه شدد على ضرورة أن تتعامل الأسواق مع هذه التطورات بعقلانية وتقييم واقعي بعيدًا عن المضاربات المفرطة، حتى لا تتحول الفرصة التكنولوجية إلى تهديد اقتصادي عالمي جديد.