البطالة في ماليزيا عند أدنى مستوى منذ أكثر من عقد بفضل توسع سوق العمل

سجّل الاقتصاد الماليزي استقرارًا في معدل البطالة عند 3% خلال شهر سبتمبر، ليبقى عند أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات، ما يعكس قوة سوق العمل ومرونة الاقتصاد الماليزي في مواجهة التقلبات العالمية والتحديات المرتبطة بالتجارة وأسعار الفائدة.
وأعلنت دائرة الإحصاءات الماليزية أن معدل البطالة حافظ على استقراره للشهر الخامس على التوالي، مدفوعًا بزيادة مطّردة في عدد العاملين الذي بلغ 16.99 مليون شخص من إجمالي قوة عاملة تُقدّر بـ 17.51 مليون شخص، بينما انخفض عدد العاطلين إلى نحو 520 ألف شخص، وهو أدنى مستوى منذ عام 2014.
قطاعات الخدمات والصناعة تقود النمو الوظيفي
ويُعد قطاع الخدمات المحرك الرئيس لنمو الوظائف في ماليزيا، لا سيما في أنشطة تجارة الجملة والتجزئة، والضيافة، والنقل، والخدمات المالية، والتي شهدت توسعًا ملحوظًا مع ارتفاع الطلب المحلي وتعافي حركة السياحة الإقليمية. كما ساهمت قطاعات الصناعة والبناء والتعدين والزراعة في تعزيز التوظيف، مع زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية في المشروعات الصناعية الكبرى.
وأفاد التقرير بأن معدل المشاركة في القوى العاملة ارتفع إلى 70.9%، مقارنة بـ70.7% في الشهر السابق، ما يعكس ثقة متزايدة لدى الأفراد في استقرار الاقتصاد الماليزي وقدرته على توليد فرص عمل جديدة، خاصة بين الشباب والنساء.
مرونة الاقتصاد الماليزي رغم التحديات
ويرى محللون أن هذا الأداء الإيجابي لسوق العمل يعكس مرونة الاقتصاد الماليزي في مواجهة التحديات الخارجية، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد الصيني، وتذبذب أسعار السلع الأولية، وتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة.
كما ساهمت السياسات الحكومية التوسعية في دعم النشاط الاقتصادي، من خلال برامج تحفيز العمالة وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد أحد أهم مصادر النمو والتوظيف في البلاد.
وبحسب الخبراء، فإن استمرار معدل البطالة عند 3% يمثل نقطة توازن صحية بين النمو الاقتصادي وضبط التضخم، حيث لا يزال الطلب على العمالة مرتفعًا دون ضغوط كبيرة على الأجور.
ومع ذلك، أشار بعض الاقتصاديين إلى أن ماليزيا بحاجة إلى زيادة الإنتاجية وتطوير المهارات التقنية لضمان استدامة التوظيف في ظل التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي والصناعات القائمة على التكنولوجيا.
آفاق النمو خلال الأشهر المقبلة
تتوقع الحكومة الماليزية أن يسجل الاقتصاد نموًا يتراوح بين 4.5% و5% بنهاية عام 2025، مدفوعًا بانتعاش الصادرات وتحسن الطلب المحلي.
كما يُتوقع أن تواصل الاستثمارات الأجنبية المباشرة تدفقها إلى البلاد، خصوصًا في قطاعات الإلكترونيات والطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية، وهو ما من شأنه دعم مزيد من التوسع في التوظيف.
ويرى محللون في بنك ماليزيا المركزي أن استمرار الاستقرار في سوق العمل سيسمح للبنك بالحفاظ على سياسة نقدية متوازنة، دون الحاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حاد، مما يساعد على تحفيز الاستثمار والإنتاج الصناعي.
ويشير الاتجاه العام إلى أن ماليزيا تمضي بخطى ثابتة نحو استقرار اقتصادي طويل الأمد، مدعومًا بتراجع البطالة وتحسن مؤشرات الطلب والاستهلاك.