7.2 مليون طن صادرات زراعية.. كيف تحدت مصر أزمة نقص المياه وغزت 8 أسواقا جديدة؟

تشكل أزمة نقص المياه واحدًا من أبرز التحديات الاستراتيجية أمام الاقتصاد المصري خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط لكونه مرتبطا مباشرة بالأمن الغذائي، بل لأنه ينعكس على مسار الاستثمار الزراعي والصناعي معا، ومع ذلك، نجحت مصر في دفع قطاع الزراعة إلى صدارة القطاعات الإنتاجية، مدعوما بمشروعات استصلاح الأراضي، وتبني أنظمة الري الحديثة، وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات.
وفي المقابل، عكست الأرقام الرسمية الأخيرة نجاح هذه الجهود، بعدما أعلنت وزارة الزراعة أن حجم الصادرات المصرية تجاوز 7.2 مليون طن منذ بداية العام وحتى الآن، بزيادة تفوق 600 ألف طن عن الفترة نفسها من العام الماضي، وهذا النمو يعكس حجم التكامل بين المزارع والمنتج والمصدر والجهات الرقابية، ويبرهن على أن مصر لم تعد تكتفي بتأمين احتياجاتها الغذائية فقط، بل باتت منافسا رئيسيا في العديد من الأسواق العالمية.
الصادرات الزراعية وأزمة نقص المياه في مصر
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي هاني جنينه إن الصادرات الزراعية المصرية سجلت مستويات قياسية، مما جعل قطاع الزراعة يحتل مكانة متقدمة بين القطاعات الكثيفة العمالة والإنتاجية، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هذا القطاع لا يزال يواجه تحديا كبيرا يتمثل في نقص الموارد المائية.
وأضاف “جنينه”، في تصريحات للعربية بزنس، أن الدولة كثفت خلال السنوات الأخيرة استثماراتها في تطوير شبكة الري بالاعتماد على أساليب الري الحديث، وهو ما اعتبره خطوة استراتيجية للحد من أزمة نقص المياه ودعم استصلاح الأراضي، مضيفا أن هناك توجها متزايدا لتقليل الاعتماد على استيراد الحبوب والبقوليات الرئيسية، مع تنويع الإنتاج المحلي بما يلبي احتياجات السوق المصري.

الاتجاه إلى زراعة منتجات عالية الربحية
وأشار جنينه إلى أن عدداً من الشركات بدأ يوجه استثماراته نحو زراعة منتجات عالية الربحية مثل المحاصيل العطرية والزهور والفواكه مرتفعة الهامش، وهو ما انعكس بشكل مباشر على معدلات الربحية، ضاربا مثالاً بشركة "جهينة"، التي تمتلك مزرعتين كانتا مخصصتين في الأساس لتربية الأبقار وتغطية احتياجاتها من اللبن، لكنها اتجهت مؤخراً لاستخدام هذه الأراضي في زراعة أشجار البرتقال، تماشيا مع الطفرة التي يشهدها هذا المحصول في مصر.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن العديد من الشركات توسعت في استثماراتها سعياً لتعظيم الأرباح، غير أن بعضها لا يزال يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وبعض القيود البيروقراطية، ورغم ذلك، أكد أن الصورة العامة إيجابية، حيث تعمل معظم المصانع حالياً بالقرب من كامل طاقتها الإنتاجية للمرة الأولى منذ ثلاث أو أربع سنوات، وهو ما يعكس عودة النشاط الصناعي إلى مساره التصاعدي.

الصادرات الزراعية في أرقام
ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة، تصدرت الموالح قائمة الصادرات الزراعية المصرية بإجمالي تجاوز 1.9 مليون طن، فيما جاءت البطاطس في المركز الثاني بأكثر من 1.3 مليون طن، كما بلغت صادرات البصل الطازج نحو 231.9 ألف طن، والعنب 159.4 ألف طن، والبطاطا الحلوة 123.8 ألف طن، إلى جانب محاصيل أخرى مثل الفاصوليا والمانجو والثوم والجوافة.
ونجحت مصر مؤخرًا في فتح ثمانية أسواق جديدة أمام محاصيل العنب والرمان والمانجو والبطاطس وتقاوي البطاطس، حيث تمكن الحجر الزراعي من النفاذ إلى أسواق دولية مهمة مثل جنوب أفريقيا وكوستاريكا وأوزبكستان والهند والفلبين، وهذه الخطوة تعكس قدرة القطاع الزراعي المصري على اختراق أسواق متنوعة وتعزيز العائدات التصديرية.

طفرة كبيرة داخل قطاع الزراعة في مصر
وأكدت وزارة الزراعة أن السر وراء هذا النمو يعود إلى جودة الإنتاج والتزام المزارعين بتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة لاسيما في منظومة الري الحديث، الذي ساهم في ترشيد المياه بشكل كبير، وزاد من القدرة الإنتاجية، فضلًا عن الرقابة المستمرة من المزرعة وحتى الأسواق الخارجية.
وهذا التكامل بين المزارع والمنتج والمصدر أسهم في تمهيد الطريق لتعظيم الأرباح وتحقيق الاستدامة، سواء على مستوى الصادرات الزراعية أو على مستوى المصانع التي عادت للعمل بالقرب من طاقتها الإنتاجية القصوى للمرة الأولى منذ سنوات.