صندوق النقد الدولي يتوقع تعافي الاقتصاد الكوري الجنوبي في عام 2026

توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد الكوري الجنوبي تعافيًا ملموسًا بحلول عام 2026، بدعم من تراجع حالة عدم اليقين العالمي، واستمرار السياسات التسهيلية، إلى جانب إصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية وزيادة مرونة الاقتصاد في مواجهة التحديات.
وقال مسؤول بارز في الصندوق خلال ندوة اقتصادية عقدت في سول، إن الاقتصاد الكوري يواجه حاليًا ضغوطًا ناتجة عن تباطؤ الصادرات وتراجع الطلب المحلي، وهو ما انعكس على مؤشرات النمو خلال العامين الماضيين. وأضاف أن استمرار السياسات التحفيزية وتوسيع نطاق الإصلاحات يمكن أن يسهم في إعادة الاقتصاد إلى مساره التصاعدي على المدى المتوسط.
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى إمكانية تحقيق نمو أكثر استدامة بدءًا من عام 2026، مع تحسن بيئة الاستثمار وارتفاع معدلات الاستهلاك المحلي، مؤكدًا أن كوريا الجنوبية تتمتع بقدرات صناعية وتقنية متقدمة تجعلها في موقع متميز للاستفادة من تحولات الاقتصاد العالمي.
وأكد المسؤول أن إحدى أولويات الحكومة الكورية خلال الفترة المقبلة ينبغي أن تكون تنشيط الطلب المحلي، من خلال سياسات مالية توسعية تدعم دخول الأسر وتعزز الإنفاق الاستهلاكي، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية الإصلاحات الهيكلية لزيادة مرونة سوق العمل، وتطوير القطاعات الناشئة مثل التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن تراجع حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي – خاصة مع اقتراب البنوك المركزية الكبرى من إنهاء دورة التشديد النقدي – قد يوفر بيئة أكثر استقرارًا أمام الصادرات الكورية، لاسيما في قطاعات أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والمنتجات التكنولوجية المتقدمة، التي تعد من ركائز الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تؤدي السياسات التسهيلية، بما في ذلك تخفيضات أسعار الفائدة وتدابير دعم الائتمان، إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص، ورفع معدلات النمو تدريجيًا خلال عامي 2024 و2025، على أن يظهر أثرها بشكل أكبر في 2026.
كما دعا المسؤول الكوريين الجنوبيين إلى الاستفادة من خبراتهم في إدارة الأزمات السابقة، مشيرًا إلى نجاح سيول في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2008 وأزمة جائحة كورونا، وهو ما يبرهن على قدرة الاقتصاد الكوري على التكيف والانتعاش عند توفر الظروف الملائمة.
وفي سياق متصل، شدد خبراء اقتصاديون محليون على أن الطريق نحو التعافي يتطلب مواجهة تحديات داخلية، أبرزها ارتفاع مستويات الدين الأسري وتباطؤ سوق العقارات، إضافة إلى ضغوط الشيخوخة السكانية التي قد تؤثر على الإنتاجية ونمو سوق العمل.
وأكدوا أن الحكومة بحاجة إلى التركيز على تشجيع الابتكار والاستثمار في رأس المال البشري، مع تبني سياسات ضريبية مرنة وحوافز موجهة للقطاعات المولدة لفرص العمل.
ويرى محللون أن عام 2026 قد يمثل نقطة تحول للاقتصاد الكوري، إذا ما نجحت الحكومة في تحقيق التوازن بين دعم النمو قصير الأجل وتنفيذ إصلاحات هيكلية طويلة الأجل، مما يعزز مكانة كوريا الجنوبية كأحد الاقتصادات الرائدة في آسيا والعالم.