النفط يواصل مكاسبه وسط اضطراب الإمدادات وتراجع المخزونات الأمريكية

واصلت أسعار النفط ارتفاعها في التعاملات الآسيوية، اليوم الأربعاء، مدعومة بتراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية، فضلاً عن المخاوف المتزايدة بشأن اضطراب الإمدادات العالمية في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية المرتبطة بروسيا، وهو ما عزز من الاتجاه الصعودي للأسواق.
فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم نوفمبر بنسبة تقارب 1% لتتداول فوق مستوى 96 دولارًا للبرميل، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى نحو 93 دولارًا للبرميل. ويأتي هذا الصعود استكمالًا لموجة المكاسب التي بدأتها الأسواق منذ مطلع الأسبوع، مدفوعة بعوامل العرض والطلب وتوقعات تشديد المعروض العالمي.
وأشار محللون إلى أن بيانات معهد البترول الأمريكي الصادرة مساء أمس أظهرت تراجعًا في مخزونات النفط الخام بمقدار يفوق 6 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 20 سبتمبر، وهو ما يتجاوز بكثير توقعات الأسواق التي رجحت انخفاضًا بنحو 2.5 مليون برميل فقط. هذا الانخفاض الحاد عزز المخاوف من شح الإمدادات، خاصة مع استمرار معدلات الطلب القوي من الأسواق الآسيوية والأوروبية.
وفي الوقت نفسه، ساهمت التوترات الجيوسياسية في زيادة الضغوط على جانب العرض، لاسيما بعد التصعيد الأخير في العلاقات بين روسيا وبعض الدول الغربية، والذي أثار المخاوف من احتمال فرض قيود إضافية على صادرات النفط الروسية، أحد أكبر المورّدين العالميين للطاقة.
وقال متعاملون إن الأسواق تترقب البيانات الرسمية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، والتي من المتوقع أن تؤكد تراجع المخزونات، ما قد يمنح الأسعار دفعة إضافية نحو الصعود، خاصة في ظل اقتراب فصل الشتاء الذي عادة ما يشهد زيادة في استهلاك الطاقة عالميًا.
كما لفت خبراء إلى أن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاءها في تحالف "أوبك+" يواصلون الالتزام بخفض مستويات الإنتاج لدعم استقرار السوق، الأمر الذي يفاقم من تأثير أي تراجع في المخزونات الأمريكية أو تعطل الإمدادات من مناطق جغرافية أخرى.
من جانبه، قال محلل الطاقة في شركة "نومورا للأبحاث" بطوكيو، إن استمرار هذا الاتجاه قد يدفع أسعار النفط إلى اختراق مستويات مئة دولار للبرميل في المدى القريب، إذا تزامن مع استمرار الاضطرابات الجيوسياسية وتزايد الطلب العالمي. وأضاف أن أي ارتفاع حاد قد ينعكس على معدلات التضخم العالمية ويؤثر على سياسات البنوك المركزية، خصوصًا مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يراقب تأثير أسعار الطاقة على التضخم.
في المقابل، حذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار صعود أسعار النفط قد يزيد الضغوط على الاقتصادات المستوردة للطاقة، بما في ذلك العديد من الاقتصادات الناشئة، التي تواجه بالفعل تحديات تتعلق بارتفاع تكاليف التمويل وانخفاض قيمة العملات المحلية.
وبينما تترقب الأسواق التطورات المقبلة على صعيد الإمدادات والبيانات الاقتصادية، يبقى النفط مدعومًا بمزيج من انخفاض المخزونات الأمريكية، والتوترات الجيوسياسية، والتخفيضات الطوعية في إنتاج "أوبك+"، وهو ما يضعه على مسار صعودي مستمر منذ بداية سبتمبر.