الثلاثاء 23 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

جدل حول تداعيات رفع أسعار الغاز للمصانع.. وهل ترتفع أسعار السلع؟

الثلاثاء 23/سبتمبر/2025 - 01:15 م
تداعيات رفع أسعار
تداعيات رفع أسعار الغاز للمصانع

تتجه الأنظار في مصر نحو قرار حكومي مرتقب يقضي بزيادة أسعار الغاز الطبيعي للمصانع بحد أدنى دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهذا القرار - الذي لم يخرج بعد في صورته الرسمية - يثير جدلا واسعا في الأوساط الصناعية والاقتصادية، لكونه يعيد رسم معادلة تكاليف الإنتاج ويضع السوق المحلية أمام سؤال محوري: من يتحمل الزيادة؟ المصنعون أم المستهلكون؟

وتشكل أسعار الطاقة أحد أهم محددات التكلفة الصناعية، وبالتالي فإن أي تحرك في أسعار الغاز ينعكس مباشرة على ميزانيات المصانع واستراتيجياتها التسويقية، ولكن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في سوق محلي يعاني من ضعف القدرة الشرائية وتراجع الاستهلاك، وهو ما يجعل الشركات أمام معادلة صعبة، إما تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين مع خطر فقدان الحصة السوقية، أو امتصاصها وتقليص هوامش الربحية في وقت يشهد بالفعل ضغوطا مالية حادة.

مصانع الصلب الأكثر تضررا

وفي تصريحاته، كشف محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن الغرفة لم تتلق بعد أي قرار رسمي بزيادة أسعار الغاز، مشيرًا إلى أن الجميع يترقب الإعلان النهائي لتحديد حجم الأثر، لافتا إلى أن مصانع الصلب العاملة بنظام "الدورة المتكاملة" ستكون الأكثر تضررا، إذ تعتمد على الغاز بكثافة خلال مرحلة الاختزال التي تستهلك نحو 11 مليون وحدة حرارية لكل طن.

وتابع حنفي أن الزيادة المتوقعة – بواقع دولار لكل مليون وحدة حرارية – قد ترفع تكلفة إنتاج الطن بنحو 500 جنيه، في وقت لم تحدد فيه المصانع بعد ما إذا كانت ستمرر هذه الزيادة إلى السوق أم تتحملها ضمنياً.

تداعيات رفع أسعار الغاز للمصانع

أسعار الغاز للصناعات المختلفة

وفقًا للآليات الحالية، تتباين أسعار الغاز بين الصناعات المختلفة، إذ يصل الحد الأدنى لمصانع الأسمدة الأزوتية إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، بينما يبلغ 5.7 دولار لقطاع الأسمدة غير الأزوتية وصناعة الحديد والصلب، ويرتفع إلى 12 دولارًا لقطاع الأسمنت، فيما يبلغ 4.75 دولار لبقية الأنشطة الصناعي، وهذه الفوارق تكشف أن التأثير لن يكون متساويا بين القطاعات، بل سيعتمد على طبيعة النشاط وحجم استهلاكه للطاقة.

وفي تصريحات نقلتها العربية بزنس، أشار شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، إلى أن صناعة الأسمدة والبتروكيماويات لها خصوصية تجعل من الصعب استباق الحكم على حجم التأثير قبل صدور القرار الرسمي الخاص بزيادة أسعار الغاز.

تداعيات رفع أسعار الغاز للمصانع

وفي السياق ذاته، كشف مصدر لـ"العربية Business" أن الغاز يمثل نحو 60% من تكلفة المواد الخام الأساسية للأسمدة الأزوتية، بما يتجاوز 28 مليون وحدة حرارية لكل طن، موضحا أن آليات التسعير تختلف بين المصانع: فبينما تدفع شركات مثل "موبكو" و"المصرية للأسمدة" أسعارًا قطعية، تعمل أخرى مثل "الإسكندرية" و"حلوان للأسمدة" وفق معادلة مرتبطة بأسعار التصدير، لكنها لا تقل عن 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية.

وأكد أن الحكومة طرحت مقترحات بزيادة أسعار الغاز مقابل منح الشركات حصصا أكبر للتصدير، مع الإبقاء على الأسعار المدعومة ثابتة داخل السوق المحلية، موضحا أنه وفقا للمنظومة الحالية، يسمح للمصانع بتصدير 45% من إنتاجها، بينما يذهب 55% لدعم السوق المحلي عبر توفير شكارة اليوريا زنة 50 كغ بسعر 264 جنيهًا، والنترات بـ259 جنيهًا.

تأثير زيادة أسعار الغاز على الصناعات الغذائية

وفي سياق متصل، قال محمد شكري، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن قطاع الصناعات الغذائية، ولاسيما المخبوزات المعتمدة على الأفران، سيتأثر بوضوح بالقرار المحتمل، مشددا على أن تمرير التكلفة إلى المستهلك لن يكون خيارا تلقائيا، إذ سيحسب كل مصنع كلفته بدقة قبل أن يقرر استراتيجياته، وتبقى العوامل الحاسمة في هذا القرار هي حجم الحصة السوقية والقدرة الشرائية للعملاء.

تداعيات رفع أسعار الغاز للمصانع

الأسمنت الأقل تأثرًا لهذا السبب

أما أحمد الزيني، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الغرف التجارية المصرية، فقد أوضح أن صناعة الأسمنت ستكون الأقل تضررًا، حيث إن نحو 90% من المصانع تحولت منذ عام 2012 إلى الاعتماد على الفحم كوقود رئيسي عقب أزمة نقص الغاز، وهذا التحول الاستراتيجي جعل القطاع في مأمن نسبي من تداعيات أي زيادات جديدة في أسعار الغاز.

ورغم الجدل الواسع والتقديرات المتباينة، يفضل عدد من منتجي حديد التسليح التزام الصمت لحين صدور قرار زيادة أسعار الغاز للمصانع رسميًا، ومع أن السيناريوهات المحتملة تفتح بابًا لمخاطر تضخم جديدة، فإن الصورة النهائية ستتحدد فقط عند إعلان الحكومة قرارها، لتبدأ بعدها رحلة التكيف بين المصانع والأسواق والمستهلكين.