غانا تتحرك لتكرير إنتاجها من الذهب محليًا وتعزيز موقعها كمركز قاري لتجارة السبائك

في خطوة تعكس توجهًا استراتيجيًا لتعظيم القيمة المضافة من مواردها الطبيعية، أعلن مجلس الذهب الغاني خططًا لبدء عمليات تكرير الذهب محليًا اعتبارًا من أكتوبر 2025، بالتعاون مع بنك غانا وعدد من المصافي المحلية، وفق ما كشفه الرئيس التنفيذي للمجلس، سامي جيامفي، خلال مؤتمر التعدين والمعادن المنعقد في العاصمة أكرا.
وأوضح جيامفي أن هذه المبادرة تأتي ضمن أجندة الرئيس جون دراماني ماهاما، وتهدف إلى تكرير الذهب المُشترى والمُصدر داخل البلاد بدلاً من الاعتماد على المصافي الأجنبية، بما يضمن الاحتفاظ بجزء أكبر من القيمة الاقتصادية داخل غانا نفسها.
وكشف المجلس عن تخصيص موقع في “قرية الشحن” بمطار كوتوكا الدولي لإنشاء مختبر معتمد وفق معايير الجودة الدولية “ISO”، على أن يستخدم للمرة الأولى في غانا تقنية “الفاير أسي – Fire Assay”، المعتمدة عالميًا كأدق وسيلة لقياس نقاء الذهب، مقارنة بالطرق التقليدية التي كانت تعتمدها البلاد في السابق.
ويُتوقع أن يسهم هذا التطور في رفع مستوى الشفافية والموثوقية في عمليات التصدير، ويعزز من ثقة الأسواق العالمية بالذهب الغاني، في وقت تسعى فيه الحكومة لتوسيع قاعدة شركائها التجاريين على مستوى القارة والعالم.
وفي إطار خطة أشمل، أعلن جيامفي أن الحكومة الغانية تعتزم إنشاء مصفاة وطنية مملوكة للدولة، تتوافق مع المعايير العالمية لإنتاج السبائك، وهو ما من شأنه أن يحول غانا من مجرد مُصدّر للذهب الخام إلى لاعب رئيسي في سوق السبائك العالمية.
وأكد أن الخطوة تمثل نقلة نوعية نحو تعزيز السيادة الوطنية على الموارد المعدنية، قائلًا: “هذه المبادرة تعكس حرصنا على تأكيد سيادتنا على مواردنا الذهبية وضمان استفادة الشعب الغاني منها بشكل كامل.”
كما أشار إلى أن غرفة مناجم غانا أبدت استعدادها للتعاون مع المجلس في تكرير إنتاج الذهب، وهو ما يعكس التوافق بين القطاعين العام والخاص لتحقيق الأهداف الوطنية.
يأتي هذا التحرك في سياق سياسة أوسع لتقوية المركز المالي لغانا. ففي وقت سابق، أعلنت الحكومة عن خطط للتحوط في صادرات الذهب لحماية عائدات النقد الأجنبي. ووفقًا لبيانات بنك غانا، ارتفعت احتياطيات البلاد من الذهب إلى 32.99 طن بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ 32.16 طن في مايو من نفس العام، بما يعزز استقرار العملة المحلية ويقوي قدرة البنك المركزي على مواجهة الضغوط الاقتصادية.
ويرى محللون أن هذه الخطوات الاستراتيجية ستفتح الباب أمام غانا لتكون مركزًا إقليميًا لتجارة السبائك، ما قد يسهم في جذب استثمارات إضافية في قطاع التعدين والصناعات التحويلية، ويزيد من قدرتها على المنافسة داخل أسواق الذهب العالمية.
وبينما تُعد غانا أكبر منتج للذهب في إفريقيا، فإن تحركها نحو التكرير المحلي يمثل تحوّلًا مهمًا من نموذج “التصدير الخام” إلى نموذج أكثر تكاملاً يقوم على التصنيع وتعظيم الفائدة الاقتصادية للشعب الغاني.