المركزي الأوروبي يقترب من قرار تاريخي بإطلاق “اليورو الرقمي”
كشف تقرير صادر عن مجموعة “يو بي إس” الاستثمارية السويسرية أن البنك المركزي الأوروبي بات على مقربة من اتخاذ واحد من أهم قراراته التاريخية، والمتمثل في إطلاق عملة رقمية سيادية تحت اسم “اليورو الرقمي”، مؤكداً أن الاستعدادات الفنية والمؤسسية للمشروع وصلت إلى مراحل متقدمة للغاية.
أكبر طموح غربي في العملات الرقمية
وبحسب التقرير، يُظهر المركزي الأوروبي أكبر قدر من الطموح بين البنوك المركزية الغربية فيما يتعلق بإصدار عملات رقمية للبنك المركزي (CBDC)، إذ يرى في هذه الخطوة وسيلة استراتيجية لتعزيز السيادة النقدية الأوروبية، وتقليل الاعتماد على أنظمة المدفوعات الأجنبية في ظل بيئة جيوسياسية تتسم بعدم اليقين.
وأشار التقرير إلى أن البنك ينتظر حاليًا اعتماد التشريعات التمكينية من جانب البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي، حتى يتمكن مجلس المحافظين من اتخاذ القرار النهائي بشأن المضي قدمًا في المشروع.
جدول زمني متوقع
ووفقًا للتقديرات، في حال الموافقة على التشريعات خلال النصف الأول من عام 2026، فإن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى فترة تتراوح بين عامين ونصف إلى ثلاثة أعوام من التجهيزات التقنية والبنية التحتية الرقمية. وهو ما يعني أن إطلاق “اليورو الرقمي” قد يتم في أقرب تقدير بحلول عام 2028، غير أن الاحتمال الأكبر يتراوح بين عامي 2029 و2030.
دوافع متزايدة لإطلاق العملة
وأوضح التقرير أن التطورات السريعة في قطاع المدفوعات الرقمية وصعود الأصول المشفرة، بجانب القوانين الأمريكية الجديدة مثل قانون “جينيس” الذي يفتح المجال أمام العملات المستقرة، كلها عوامل دفعت البنك المركزي الأوروبي إلى تسريع خططه الدفاعية لتفادي أي تراجع في نفوذه النقدي والمالي.
تصميم العملة الرقمية
وبحسب ما ورد، فإن “اليورو الرقمي” سيكون عملة رقمية مخصصة للأفراد والكيانات القانونية، تعمل على استكمال النقد الورقي والمعدني وليس استبداله بشكل كامل.
ومن بين خصائص التصميم المقترحة:
فرض حدود قصوى على المبالغ المحتفظ بها تتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف يورو للفرد.
إصدار العملة بشكل غير مُدر للدخل، أي دون فوائد، وذلك لتجنب التأثير السلبي على ودائع البنوك.
ضمان دمج اليورو الرقمي ضمن أنظمة الدفع القائمة، مع توفير مستوى عالٍ من الأمان والشفافية.
تحديات مقبلة
رغم جاهزية المشروع من الناحية الفنية والتشريعية، حذّر محللو “يو بي إس” من أن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع الجمهور باستخدام اليورو الرقمي، خاصة في ظل انتشار الشكوك ونظريات المؤامرة حول العملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية، والتي تُتهم أحيانًا بأنها أداة للرقابة على الأفراد.
أهمية التواصل المجتمعي
وأكد التقرير أن البنك المركزي الأوروبي سيكون بحاجة إلى حملة علاقات عامة واسعة النطاق لشرح مزايا المشروع وبناء الثقة العامة به، مع التأكيد على أنه لن يحل محل النقد التقليدي وإنما سيُكمله كخيار دفع جديد أكثر مرونة وأمانًا، يواكب التحولات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية.
