التضخم في كولومبيا يقفز إلى 5.1%.. الأعلى في أربعة أشهر

شهدت كولومبيا تسارعًا ملحوظًا في وتيرة التضخم السنوي خلال شهر أغسطس الماضي، ليسجل أعلى مستوى له في أربعة أشهر، في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة من أجل دعم النمو الاقتصادي.
ووفقًا لبيانات هيئة الإحصاء الوطنية، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 5.1% في أغسطس مقارنة بـ 4.9% في يوليو، وهو ما جاء متماشيًا مع متوسط التوقعات البالغ 5.11%. وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 0.19%، وهو ما يعكس استمرار الضغوط السعرية على السلع والخدمات في الاقتصاد الكولومبي.
ويأتي هذا التطور في وقت يحاول فيه الرئيس جوستافو بيترو الدفع نحو خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد، وسط تباطؤ نسبي في معدلات النمو وارتفاع مستويات الفقر وعدم المساواة. إلا أن تسارع التضخم يضعف موقف الحكومة أمام البنك المركزي الذي يواصل تبني سياسة حذرة، تضع استقرار الأسعار كأولوية قصوى على حساب أي ضغوط سياسية.
البيانات الرسمية أظهرت أيضًا أن أحد مقاييس التضخم الأساسي السنوي – الذي يستثني أسعار الغذاء المتقلبة – تباطأ قليلًا إلى 4.85%، وهو ما يشير إلى أن الضغوط السعرية الجوهرية ما زالت قائمة رغم بعض التراجع في مكونات محددة. ومع ذلك، لم يقدم البنك المركزي سوى خفض واحد للفائدة منذ بداية العام، ليستقر سعر الفائدة الأساسي عند 9.25%.
الرئيس بيترو ووزير ماليته جيرمان أفِيلا – وهو عضو أيضًا في مجلس إدارة البنك المركزي – كثفا دعواتهما لصانعي السياسة النقدية للإسراع بخفض أسعار الفائدة، معتبرين أن ذلك ضروري لتحريك عجلة الاستثمار وتحقيق التوازن الاجتماعي. لكن غالبية أعضاء مجلس إدارة البنك يرون أن استمرار الضغوط التضخمية واتساع العجز المالي لا يتركان مجالًا واسعًا لمثل هذا التحفيز النقدي في المرحلة الحالية.
من جانبه، أكد محافظ البنك المركزي ليوناردو بيار في تصريحات صحفية أن المؤسسة النقدية ستواصل مقاومة الضغوط السياسية، موضحًا أن كولومبيا ما زالت بحاجة إلى سياسة نقدية “تقييدية” لضمان تباطؤ التضخم تدريجيًا نحو المستهدف البالغ 3% بحلول العام المقبل.
وأضاف بيار أن أي تساهل غير محسوب في السياسة النقدية قد يؤدي إلى عودة قوية للتضخم، وهو ما قد يضر بثقة المستثمرين ويقوض استقرار الاقتصاد الكلي. كما شدد على أن البنك المركزي يعمل وفق أسس مهنية بحتة، وأن مهمته الرئيسية تتمثل في حماية القوة الشرائية للعملة الوطنية والحفاظ على الاستقرار المالي.
ويرى محللون اقتصاديون أن استمرار التضخم فوق المستويات المستهدفة سيُبقي السياسة النقدية مشددة نسبيًا خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع الضغوط الخارجية الناجمة عن قوة الدولار الأمريكي وتذبذب أسعار السلع العالمية. وفي المقابل، فإن أي تباطؤ إضافي في النمو قد يزيد من حدة الجدل بين الحكومة والبنك المركزي بشأن أولويات المرحلة المقبلة.
وبينما تسعى الحكومة إلى تعزيز الإنفاق الاجتماعي وتحقيق وعودها الانتخابية، يظل البنك المركزي متمسكًا بدوره في كبح التضخم حتى لو جاء ذلك على حساب وتيرة النمو. وهو ما يعكس التوتر القائم بين السلطتين التنفيذية والنقدية في إدارة التوازن الاقتصادي الدقيق الذي تواجهه كولومبيا في المرحلة الراهنة.