"شل" تعود إلى أنجولا بعد 20 عامًا وسط ثقة متزايدة في قطاع النفط

في خطوة لافتة تؤكد تنامي الثقة الدولية في قطاع النفط الأنغولي، أعلنت شركة شل العالمية توقيع اتفاقيات جديدة مع الحكومة في لواندا، تعيدها رسميًا إلى السوق الأنغولي بعد غياب استمر قرابة عشرين عامًا. وتعد هذه العودة واحدة من أبرز التطورات في صناعة الطاقة الإفريقية خلال العقد الأخير، إذ تعكس نجاح الحكومة الأنغولية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية عبر حزمة إصلاحات جذرية.
تشمل الاتفاقيات الجديدة تعاون "شل" مع وزارة الموارد المعدنية والنفط والغاز في أنجولا، إضافة إلى شركة النفط الوطنية سونانغول، بهدف تطوير مشاريع في مجال التنقيب والإنتاج في الحقول البحرية، واستثمارات في البنية التحتية النفطية. كما تتضمن الاتفاقيات خططًا مشتركة لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي المسال والطاقة منخفضة الكربون، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التحول في مجال الطاقة.
شرعت الحكومة الأنغولية خلال السنوات الماضية، في تنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية وتشريعية واسعة النطاق لتعزيز بيئة الأعمال. وشملت هذه الإصلاحات تبسيط القوانين الضريبية الخاصة بقطاع الطاقة، وتسهيل إجراءات التعاقد مع الشركات الأجنبية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة شركة "سونانغول" لتصبح أكثر قدرة على الدخول في شراكات استراتيجية. هذه الإصلاحات، إلى جانب ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، دفعت كبرى شركات النفط، مثل توتال إنرجيز وإكسون موبيل، إلى تعزيز وجودها في أنجولا، قبل أن تقرر "شل" العودة من جديد.
يرى محللون أن عودة "شل" تحمل رسائل إيجابية للأسواق الدولية، كونها مؤشرًا على استقرار السياسات الاقتصادية في أنجولا، وقدرتها على تقديم فرص استثمارية مجزية في قطاع النفط والغاز. كما أن دخول شركة بحجم "شل" إلى السوق مجددًا يعزز الثقة لدى بقية المستثمرين الدوليين، خصوصًا في ظل المنافسة المتزايدة بين الدول الإفريقية المنتجة للنفط.
وتعتبر أنجولا ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا بعد نيجيريا، حيث يبلغ متوسط إنتاجها نحو 1.1 مليون برميل يوميًا. ومع انضمام "شل" إلى قائمة المستثمرين، يتوقع الخبراء أن يشهد الإنتاج ارتفاعًا تدريجيًا خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تطوير الحقول البحرية العميقة.
من المنتظر أن تساهم عودة "شل" في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للكوادر المحلية، إضافة إلى نقل التكنولوجيا والخبرات في مجالات الاستكشاف والإنتاج وإدارة الموارد. كما ستسهم الاستثمارات الجديدة في تعزيز الإيرادات الحكومية، وهو ما يمنح لواندا مساحة أوسع لتنفيذ برامجها التنموية وتحقيق أهدافها في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط.
لا يقتصر التعاون بين أنجولا و"شل" على النفط الخام فقط، بل يمتد أيضًا إلى تطوير مشاريع الطاقة النظيفة والغاز الطبيعي، وهو ما يتوافق مع استراتيجية الحكومة لخفض الانبعاثات وتحقيق التوازن بين استغلال الموارد التقليدية والالتزام بالمعايير البيئية العالمية.
ويرى خبراء الطاقة أن هذه العودة تمثل بداية مرحلة جديدة لأنجولا، تفتح الباب أمام شراكات أوسع مع الشركات العالمية، وتعزز موقعها كمورد موثوق للطاقة في القارة الإفريقية وخارجها، خصوصًا في ظل الطلب العالمي المتزايد على مصادر الطاقة المستقرة.
عودة "شل" إلى أنجولا بعد عقدين من الغياب ليست مجرد اتفاق تجاري، بل هي انعكاس مباشر لنجاح الإصلاحات الحكومية في استعادة ثقة المستثمرين، ورسالة قوية بأن البلاد تسير نحو مرحلة أكثر استقرارًا وازدهارًا في قطاع النفط والغاز.