مبيعات التجزئة في بريطانيا ترتفع 0.6% خلال يوليو 2025 متجاوزة التوقعات

أظهرت بيانات رسمية صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني اليوم الجمعة أن مبيعات التجزئة سجلت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 0.6% في يوليو تموز 2025 مقارنة بالشهر السابق، متجاوزة توقعات الخبراء الذين رجحوا نموًا طفيفًا لا يتعدى 0.2%. وعلى أساس سنوي، ارتفعت المبيعات بنسبة 1.1%، إلا أن هذه الزيادة جاءت دون التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع نسبته 1.3%.
بيانات مؤجلة وفحوصات للجودة
وكان من المقرر أن تُنشر هذه البيانات في 22 أغسطس الماضي، لكن مكتب الإحصاءات قرر تأجيلها لإجراء مزيد من المراجعات المتعلقة بجودة الأرقام، وهو ما أعطى الأسواق إشارات مبكرة على وجود تحركات غير متوقعة في سلوك المستهلكين.
إنفاق المستهلكين يقود النشاط
وتأتي هذه الأرقام قبل أسبوع واحد من صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي لشهر يوليو، التي يتوقع الاقتصاديون أن تُظهر تباطؤًا نسبيًا بعد نمو قوي شهدته بريطانيا في النصف الأول من العام، مدعومًا بزيادة الإنفاق الحكومي وبرامج التحفيز. ويرى محللون أن ارتفاع مبيعات التجزئة في يوليو يعكس مرونة في سلوك المستهلك البريطاني، رغم الضغوط التضخمية التي لا تزال تؤثر على القوة الشرائية للأسر.
تأثير العوامل المناخية
بحسب تقرير اتحاد التجزئة البريطاني، فإن الإنفاق ارتفع بالقيمة النقدية بنسبة 2.5% خلال يوليو، مدفوعًا بالطلب على المواد الغذائية والملابس الصيفية في ظل تسجيل الشهر خامس أعلى معدل حرارة على الإطلاق. إلا أن الأرقام الحقيقية التي تستبعد أثر التضخم كشفت عن تراجع في أحجام المشتريات، ما يعكس استمرار الضغوط المعيشية.
كما استفادت بعض القطاعات بشكل مباشر من موجة الحر، حيث أعلنت شركة كاريس للتجزئة الكهربائية أن الإقبال على شراء المراوح وأجهزة التكييف ساعد على رفع المبيعات في بريطانيا وأيرلندا بنسبة 3% خلال الأشهر الأربعة المنتهية في أغسطس.
انعكاسات على السياسة النقدية
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه البيانات تحمل رسائل مزدوجة لـ بنك إنجلترا، إذ تشير من جهة إلى استمرار الطلب الاستهلاكي بشكل يفوق التوقعات، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن هشاشة في المبيعات الفعلية بعد خصم أثر التضخم. هذا الوضع يضع صانعي السياسة النقدية أمام معادلة صعبة: موازنة الحاجة لدعم النمو مع ضرورة السيطرة على التضخم.
الجنيه الإسترليني تحت المجهر
في الأسواق المالية، استقر الجنيه الإسترليني نسبيًا بعد صدور البيانات، حيث فسر المستثمرون ارتفاع المبيعات بأنه دليل على قوة نسبية للاقتصاد، لكنهم ظلوا حذرين في ظل الترقب لبيانات الناتج المحلي الإجمالي الأسبوع المقبل. ويعتقد محللون أن استمرار أي نمو فوق التوقعات قد يخفف الضغوط على بنك إنجلترا لتبني سياسة تيسيرية بشكل أسرع.
نظرة مستقبلية
ويؤكد محللون أن استدامة هذا النمو تعتمد على عدة عوامل رئيسية، منها اتجاه التضخم وأسعار الفائدة وأداء سوق العمل. كما أن الطقس غير المعتاد لعب دورًا بارزًا في زيادة الإنفاق، وهو ما قد لا يتكرر في الأشهر المقبلة.
ومع اقتراب موسم الخريف، يتوقع أن تشهد القطاعات الاستهلاكية تحولات في أنماط الإنفاق، خصوصًا مع عودة الأسر إلى أولويات مثل التعليم والتدفئة، ما قد يضغط على مبيعات الملابس والسلع الترفيهية.
وبينما تسلط الأنظار على بيانات النمو الاقتصادي المرتقبة، تبقى مبيعات التجزئة لشهر يوليو إشارة مهمة على قدرة الاقتصاد البريطاني على الصمود، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن تحديات حقيقية تتعلق بتباطؤ القوة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة.