الذهب يتراجع من مستوى قياسي بفعل جني الأرباح وترقب بيانات الوظائف الأمريكية
تراجعت أسعار الذهب العالمية خلال تداولات الخميس، بعد أن سجل المعدن النفيس مستوى قياسياً جديداً مدفوعاً بتوقعات قوية بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية. وجاء الهبوط الحالي نتيجة عمليات جني أرباح قام بها المستثمرون، فيما تتجه الأنظار نحو بيانات الوظائف غير الزراعية المنتظر صدورها نهاية الأسبوع، والتي من المتوقع أن تقدم إشارات أوضح بشأن مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وسجل سعر الذهب الفوري انخفاضاً بنسبة 0.3% ليصل إلى 3546.73 دولار للأونصة بحلول الساعة 01:53 بتوقيت غرينتش، بعد أن كان قد لامس أمس الأربعاء ذروة تاريخية عند 3578.50 دولار. كما هبطت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم ديسمبر بنسبة 0.8% لتستقر عند 3605.60 دولار للأونصة.
توقعات بارتفاعات جديدة
وقال بريان لان، المدير العام لشركة «غولد سيلفر سنترال»، إن السوق شهدت بالفعل بعض عمليات جني الأرباح الطبيعية بعد تسجيل الذهب مستويات غير مسبوقة، لكنه أكد أن المعدن ما يزال في مسار صاعد مدعوم بتوقعات خفض الفائدة ومخاوف تتعلق باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي. وأضاف: «لن نتفاجأ إذا ارتفعت أسعار الذهب إلى 3800 دولار أو أكثر في المدى القريب».
سوق العمل الأمريكية تحت المجهر
أعلنت وزارة العمل الأمريكية يوم الأربعاء أن عدد الوظائف الشاغرة تراجع بأكثر من المتوقع إلى 7.181 مليون وظيفة في يوليو، وهو ما يعكس مؤشرات ضعف في سوق العمل. هذه البيانات عززت من قناعة المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي بات أقرب إلى اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة.
وفي هذا السياق، صرح عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر بأنه يرى ضرورة بدء الخفض في الاجتماع المقبل، ما يعزز التوقعات بأن المجلس قد يتجه لتيسير السياسة النقدية خلال سبتمبر الجاري.
وتُظهر أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة سي إم إي أن المتعاملين يقومون حالياً بتسعير فرصة بنسبة 97% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع 17 سبتمبر، مقابل 92% قبل صدور بيانات الوظائف الشاغرة، وهو ما يوضح تغيراً سريعاً في المزاج العام للأسواق.
الذهب والرابط مع الفائدة
عادةً ما يستفيد الذهب، الذي يُعتبر ملاذاً آمناً لا يدر عائداً، من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، حيث تتراجع تكلفة الفرصة البديلة لحيازته مقارنة بالأصول المدرة للعوائد مثل السندات. ولهذا، فإن ترقب صدور بيانات الوظائف غير الزراعية الأمريكية يوم الجمعة يعد عاملاً حاسماً لمستقبل تحركات الذهب، إذ تشير توقعات استطلاعات «رويترز» إلى نمو الوظائف بمقدار 78 ألف وظيفة في أغسطس، مقارنة بـ73 ألف وظيفة فقط في يوليو.
تصريحات ترامب والتوترات التجارية
في سياق آخر، زادت حدة التوترات التجارية العالمية بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال الأربعاء إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى «إلغاء» بعض الاتفاقات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، في حال خسرت بلاده قضية أمام المحكمة العليا تتعلق بالتعريفات الجمركية. هذه التصريحات تضيف بدورها زخماً للطلب على الذهب كملاذ آمن في مواجهة حالة عدم اليقين.
المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر التراجع على الذهب فقط، إذ هبطت أسعار الفضة الفورية بنسبة 0.8% إلى 40.87 دولار للأونصة، بعدما سجلت في الجلسة السابقة أعلى مستوى منذ سبتمبر 2011. كما انخفض البلاتين بنسبة 0.5% ليصل إلى 1415.03 دولار، وتراجع البلاديوم بنسبة 1% مسجلاً 1136.26 دولار.
ويجمع خبراء الأسواق على أن تحركات الذهب في المرحلة المقبلة ستظل مرتبطة بشكل وثيق بالبيانات الاقتصادية الأمريكية، خاصة أرقام التوظيف، وبقرارات السياسة النقدية للفيدرالي، في حين أن المخاطر الجيوسياسية والتوترات التجارية قد تضيف زخماً إضافياً لدعم المعدن النفيس.
