نعمت شفيق.. المصرية التي أصبحت العقل الاقتصادي للحكومة البريطانية

أعاد تعيين نعمت شفيق في منصب كبيرة المستشارين الاقتصاديين بمكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الضوء على مسيرة استثنائية للمصرية التي نشأت في الإسكندرية لتصبح بعد ذلك أحد أبرز العقول الاقتصادية على مستوى العالم.
نشأة مصرية وجذور عالمية
وُلدت نعمت شفيق، الشهيرة بـ"مينوش"، في مدينة الإسكندرية عام 1962 والتحقت بالمدرسة الأمريكية قبل أن تغادر عائلتها مصر في ستينيات القرن الماضي لتعيش فترة من طفولتها في الولايات المتحدة ثم عادت بعد ذلك إلى القاهرة حيث أنهت المرحلة الثانوية، ودرست عامًا في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم انتقلت إلى جامعة ماساتشوستس أمهرست لتتخرج في الاقتصاد والسياسة.
بعد تخرجها، عملت في مكتب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالقاهرة على قضايا التنمية، ثم واصلت دراستها العليا لتحصل على ماجستير في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد، ودكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد.

محطات مهنية بارزة
شغلت شفيق عددًا من المناصب القيادية في مؤسسات اقتصادية ومالية دولية، من أبرزها:
نائب رئيس البنك الدولي في سن السادسة والثلاثين، كأصغر من تولى هذا المنصب.
السكرتير الدائم لوزارة التنمية الدولية البريطانية (DFID) ابتداءً من مارس 2008.
نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي (2011-2014)، حيث أدارت ملفات أوروبا والشرق الأوسط خلال أزمة ديون منطقة اليورو والربيع العربي.
نائبة محافظ بنك إنجلترا (2014-2017)، وكانت مسؤولة عن الأسواق والخدمات المصرفية وعضوًا في لجنة السياسة النقدية.
رئيسة ونائب مستشار كلية لندن للاقتصاد (2017-2023).
رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية (2023-2024) كأول امرأة تتولى هذا المنصب، قبل أن تستقيل إثر جدل واسع بسبب احتجاجات طلابية مرتبطة بحرب غزة.
وهي أيضًا عضو في المجلس الإداري لمؤسسة بيل ومليندا غيتس، ما يعكس حضورها في قضايا التنمية العالمية إلى جانب عملها الأكاديمي والاقتصادي.
رؤية اقتصادية إصلاحية
إلى جانب عملها المؤسسي، قدمت شفيق أطروحات فكرية مهمة في كتابها الصادر عام 2021، حيث دعت إلى عقد اجتماعي جديد يقوم على الدمج بين العدالة الاجتماعية والحوافز الإنتاجية، واقترحت سياسات مثل توفير حد أدنى من الدخل مع تشجيع العمل، وربط المعاشات بمتوسط العمر المتوقع، والتركيز على التدخل المبكر في مرحلة الطفولة لضمان المساواة في الفرص.
جدل وتجارب صعبة

فيما برز اسم نعمت شفيق عالميًا خلال قيادتها لجامعة كولومبيا، حين وجدت نفسها في قلب الجدل الأكاديمي والسياسي بالولايات المتحدة بعد استدعاء شرطة نيويورك للتعامل مع احتجاجات مؤيدة لفلسطين، وقد دافعت أمام الكونجرس الأمريكي عن سياستها باعتبارها توازنًا بين حرية التعبير وحماية الطلاب من معاداة السامية، في موقف عكس صعوبة إدارة مؤسسات كبرى في أوقات الانقسام.
عودة إلى مركز القرار في بريطانيا
وتعود ابنة الإسكندرية إلى موقع صنع القرار في بريطانيا كمستشارةً اقتصادية لرئيس الوزراء، لتواصل ترسيخ مكانتها كأحد أبرز العقول المصرية المهاجرة التي تترك بصمة واضحة في صياغة السياسات الاقتصادية العالمية.