العلاقات المصرية الصينية في أفق جديد.. زيارة رسمية لكامل الوزير إلى بكين
غادر الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، مطار القاهرة الدولي في ساعة مبكرة من صباح اليوم، متوجهاً إلى العاصمة الصينية بكين، مبعوثًا عن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمشاركة في احتفالات الصين بالذكرى الـ80 لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية. ويأتي هذا الحدث التاريخي الذي تستضيفه بكين بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات ووفود رفيعة المستوى من مختلف أنحاء العالم، ليعكس الأهمية الرمزية والسياسية العميقة لتلك المناسبة في الذاكرة الوطنية الصينية، ولدى المجتمع الدولي.
وتحمل مشاركة مصر في هذه الفعاليات دلالات بالغة الأهمية، حيث تؤكد عمق العلاقات الثنائية التي تربط القاهرة وبكين والتي ارتقت منذ عام 2014 إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة"، وهو ما يُعد أحد أبرز التحولات في السياسة الخارجية المصرية تجاه القوى الكبرى. وقد تُوج هذا التعاون في يناير 2024 بالتوقيع على البرنامج التنفيذي للشراكة الاستراتيجية الشاملة للأعوام (2024-2028)، الذي وضع خارطة طريق متكاملة لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي، بما يضمن تحقيق المصالح المشتركة ويُرسخ لمستقبل أكثر تعاونًا بين البلدين.
وأكد الوزير، قبيل مغادرته القاهرة، أن مصر تنظر إلى الصين باعتبارها شريكًا استراتيجيًا لا غنى عنه، مشيراً إلى أن بكين تُعد الشريك التجاري الأول لمصر، حيث تشهد معدلات التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين نمواً متواصلاً. كما أعرب عن تطلعه إلى أن تسهم هذه الزيارة في تشجيع مزيد من الاستثمارات الصينية في السوق المصرية، خاصة في مجالات الصناعة، البنية التحتية، النقل واللوجستيات، والطاقة المتجددة، في ظل ما توفره الدولة المصرية من حوافز للمستثمرين وما تشهده من نهضة صناعية وتنموية شاملة.
ومن المقرر أن يشمل برنامج زيارة الوزير عقد عدد من اللقاءات رفيعة المستوى مع رؤساء وممثلي كبريات الشركات الصينية، وذلك لبحث فرص التعاون القائمة واستكشاف مجالات جديدة للشراكة الاستثمارية، بما يتسق مع أولويات الدولة المصرية في تعزيز التنمية الصناعية وجذب استثمارات نوعية قادرة على نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات.
وتأتي هذه الزيارة في سياق اهتمام القيادة السياسية المصرية بتوسيع آفاق التعاون الدولي، خصوصًا مع الدول التي تربطها بمصر علاقات تاريخية ممتدة. فمصر، بما تمتلكه من موقع استراتيجي فريد يربط بين القارات الثلاث ويطل على أهم الممرات البحرية العالمية، وبما تشهده من مشروعات قومية ضخمة في البنية التحتية والنقل والتصنيع، تمثل وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
ويعكس الحضور المصري في هذا الاحتفال الدولي البارز، ليس فقط التقدير المتبادل بين القاهرة وبكين، بل أيضًا حرص مصر على أن تكون جزءًا فاعلاً في الاحتفالات والفعاليات العالمية التي تؤكد على قيم المقاومة والتحرر والاستقلال، وهي قيم تتقاطع مع تاريخ مصر ونضالها الوطني. كما أن المشاركة تعكس رغبة مصر في المساهمة في صياغة مستقبل التعاون الدولي في ظل نظام عالمي يشهد تحولات متسارعة.
وبذلك، تحمل زيارة الفريق كامل الوزير إلى الصين أبعادًا سياسية واقتصادية واستراتيجية، تعزز من موقع مصر كشريك فاعل على الساحة الدولية، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع واحدة من أكبر القوى الاقتصادية في العالم.
