مفاجأة اقتصادية وشيكة.. هذه الأسباب تدفع البنك المركزي لخفض الفائدة في اجتماع اليوم

يترقب المستثمرون والاقتصاديون في مصر اجتماع لجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي المصري المقرر اليوم الخميس 28 أغسطس 2025، وسط توقعات قوية بإمكانية خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ فترة.
وهذا الاجتماع يأتي في وقت تشهد فيه مصر تحولات اقتصادية دقيقة، حيث تتفاعل ديناميكيات التضخم واستقرار العملة مع الضغوط العالمية والمحلية، فما الذي يدفع البنك المركزي المصري نحو هذا القرار المحتمل؟ وكيف تتشكل الصورة الاقتصادية التي تدعم هذا التوجه؟.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الأسباب الرئيسية التي تجعل خفض الفائدة وشيكًا، معتمدين على تحليل دقيق للوضع الاقتصادي الحالي.
تباطؤ التضخم بوابة خفض الفائدة
ويعد تراجع معدلات التضخم أحد أبرز العوامل التي تدعم توقعات خفض الفائدة، وخلال الأشهر الأخيرة من عام 2025، أظهرت البيانات الرسمية تباطؤًا ملحوظًا في معدل التضخم السنوي في مصر.
ووفقًا لتقارير حديثة، انخفض معدل التضخم الأساسي إلى مستويات أقل من 10% في يوليو 2025، وهو أدنى مستوى منذ سنوات، وهذا الانخفاض يعكس نجاح سياسات البنك المركزي في كبح جماح التضخم، الذي كان قد بلغ ذروته في السنوات السابقة نتيجة تحرير سعر الصرف والضغوط التضخمية العالمية.
ومع استقرار أسعار السلع الأساسية، خاصة الطاقة والغذاء، أصبح لدى البنك المركزي هامش أكبر لتخفيف السياسة النقدية دون المخاطرة بتجدد التضخم.
استقرار سعر الصرف دعم للثقة الاقتصادية
ومنذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024، شهدت السوق المصرية تحسنًا ملحوظًا في استقرار الجنيه المصري، وتدفقات الاستثمار الأجنبي، خاصة من دول الخليج ومؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي، ساهمت في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، التي تجاوزت 46 مليار دولار في منتصف 2025.
وهذا الاستقرار قلل من الحاجة إلى الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة لدعم العملة، مما يمنح البنك المركزي مرونة أكبر لخفض الفائدة بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.
ومع توقعات استمرار تدفقات رأس المال، يبدو أن الجنيه المصري قد وجد نقطة توازن، مما يعزز من فرص اتخاذ قرار جريء غدًا.

دعم النمو الاقتصادي
وفي ظل التحديات الاقتصادية التي واجهتها مصر خلال السنوات الأخيرة، أصبح تحفيز النمو الاقتصادي أولوية قصوى، وأسعار الفائدة المرتفعة، التي وصلت إلى مستويات قياسية في السنوات الماضية، كانت ضرورية للسيطرة على التضخم، لكنها شكلت عبئًا على القطاعات الإنتاجية، خاصة الصناعة والاستثمار.
وخفض الفائدة الآن يعد خطوة منطقية لتخفيف تكلفة الاقتراض، مما يشجع الشركات على التوسع وزيادة الاستثمارات، ووفقًا لتقارير اقتصادية، يتوقع المحللون أن يساهم خفض الفائدة بمقدار 1-2% في تحفيز الطلب المحلي ودعم القطاعات الحيوية مثل العقارات والصناعات التحويلية.
توافق مع الأسواق الناشئة
وعلى الصعيد العالمي، تشهد العديد من الأسواق الناشئة اتجاهًا نحو تخفيف السياسات النقدية، والبنوك المركزية في دول مثل تركيا وجنوب إفريقيا بدأت في خفض أسعار الفائدة استجابة لتراجع الضغوط التضخمية.
وهذا التوجه يضع مصر في سياق مشابه، حيث يمكن للبنك المركزي المصري أن يستفيد من هذه الديناميكيات لتعزيز جاذبية السوق المصرية للاستثمار الأجنبي.
وخفض الفائدة قد يعزز أيضًا من تدفقات رأس المال الساخن، خاصة في أدوات الدين الحكومية، التي شهدت إقبالًا قويًا في الفترة الأخيرة.
هل هناك مخاطر؟
ورغم التفاؤل، يبقى قرار خفض الفائدة محفوفًا ببعض المخاطر، وعلى سبيل المثال، أي اضطرابات غير متوقعة في أسعار الطاقة العالمية أو السلع الغذائية قد تعيد التضخم إلى الارتفاع، مما يضع البنك المركزي في موقف صعب.
كما أن التوازن بين تحفيز النمو وتجنب الضغوط على الجنيه المصري يتطلب دقة في اتخاذ القرار، ومع ذلك، يرى المحللون أن البنك المركزي يمتلك أدوات كافية، مثل احتياطيات النقد الأجنبي وسياسات السوق المفتوحة، للتعامل مع أي تحديات محتملة.
نظرة إلى الأمام
وتشير استطلاعات آراء الخبراء الاقتصاديين إلى أن غالبيتهم يتوقعون خفضًا بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماع الغد، مع احتمالية إجراء تخفيضات إضافية في الأشهر المقبلة إذا استمر التضخم في الانخفاض.
وهذا التوقع يعكس ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق التوازن بين النمو واستقرار الأسعار، كما يعزز هذا التوجه من مكانة مصر كوجهة استثمارية، خاصة في ظل الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها الحكومة مؤخرًا.
ومع اقتراب موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية، تتجه الأنظار نحو قرار قد يكون له تأثير عميق على الاقتصاد المصري، وخفض الفائدة ليس مجرد إجراء تقني، بل خطوة استراتيجية تهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتعزيز الثقة في الأسواق.
وفي ظل تباطؤ التضخم، استقرار الجنيه، وتحسن الاحتياطيات، يبدو أن البنك المركزي المصري على أعتاب قرار تاريخي قد يمهد الطريق لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي، وغدًا سيكون الجميع في انتظار الإعلان الذي قد يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في مصر.