المورد الأكبر للياسمين.. كيف تسيطر مصر على صناعة العطور في العالم؟

تلعب مصر دورا محوريا في صناعة العطور العالمية، فهي المورد الأكبر لزهور الياسمين التي تعتمد عليها كبرى دور العطور في فرنسا والعالم، إذ تنتج وحدها نصف المعروض العالمي من هذه الزهرة التي تعرف بلقب "ملكة العطور"، وعلى الرغم من هذه المكانة، تواجه زراعة الياسمين في مصر تحديات قاسية تفرضها التغيرات المناخية والضغوط الاقتصادية.
فبعد أن بلغ إنتاج عجينة الياسمين في سبعينيات القرن الماضي نحو 11 طنا سنويا، تراجع اليوم إلى 6.5 طن فقط، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتزايد موجات الجفاف وانتشار الآفات الزراعية، وفي الوقت نفسه، يعاني المزارعون من فجوة كبيرة بين ما يتقاضونه مقابل بيع الزهور وما تحققه الشركات العالمية من عوائد ضخمة، ما يهدد استدامة هذه الزراعة رغم قيمتها الاقتصادية والثقافية.
إنتاج متراجع بسبب المناخ

بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، شهدت مصر في سبعينيات القرن الماضي ذروة إنتاجها من عجينة الياسمين التي تستخلص من الزهور، حيث بلغ الإنتاج السنوي آنذاك نحو 11 طنا، إلا أن هذا الرقم تراجع اليوم إلى 6.5 طن فقط، بفعل عوامل بيئية ومناخية ضاغطة.
فارتفاع درجات الحرارة وتكرار موجات الجفاف أضعفا نمو الأزهار وجودة الزيت المستخرج منها، كما ساعدت الظروف الحارة على انتشار الآفات الزراعية، ما يضاعف الخسائر ويحد من فرص استدامة هذه الزراعة العريقة.
اقتصاديات غير عادلة للمزارعين
ورغم أن الياسمين المصري يعد مادة أولية لا غنى عنها في صناعة العطور الفاخرة، فإن الفجوة بين ما يحصل عليه المزارعون وما تحققه الشركات من عوائد تبقى واسعة بشكل لافت، فالمزارع يبيع كيلوجرام الزهور الطازجة بسعر يقارب دولارين فقط، بينما تقوم الشركات المتخصصة بتحويلها إلى عجينة الياسمين لاستخلاص الزيت العطري، ثم تبيع الطن من هذه العجينة بأسعار تصل إلى 6 آلاف دولار.
ويحتاج إنتاج ثلاثة كيلوجرامات فقط من الزيت العطري إلى نحو طن كامل من زهور الياسمين، وهو ما يوضح ضخامة الجهد والتكلفة مقارنة بمحدودية الدخل الذي يحصل عليه الفلاح في مصر.
تتفاقم أزمة المزارعين مع تصاعد معدلات التضخم في مصر، حيث ترتفع كلفة الزراعة والعمل والصيانة في وقت تظل فيه الأسعار التي يحصلون عليها ثابتة تقريبا، هذا التباين في المكاسب بين المزارعين والشركات العالمية يهدد استدامة إنتاج الياسمين على المدى الطويل، خاصة إذا لم تعالج الاختلالات الاقتصادية التي تدفع بعض المزارعين إلى التفكير في هجر هذه الزراعة.

مصر أكبر منتج عالمي للياسمين
يرى متخصصون أن استمرار مصر في الاحتفاظ بمكانتها كأكبر منتج عالمي للياسمين يتطلب معالجة جذرية لهذه التحديات، سواء عبر دعم المزارعين بأسعار عادلة، أو توفير حلول لمواجهة التغيرات المناخية والآفات الزراعية.
فالياسمين ليس مجرد محصول اقتصادي فقط يتم من خلاله تحقيق مكاسب مادية للدولة بالعملة الصعبة، بل إرث زراعي وثقافي يربط مصر بصناعة العطور العالمية منذ عقود طويلة