رهان السيسي الكسبان.. كيف أخرس حسن عبدالله خصومه؟ وكيف رد على المشككين؟

في عز أصعب أزمة اقتصادية مرت على مصر.. وفي وقت كانت البلد فيه أشبه بسفينة في قلب عاصفة هوجاء.. كان لازم قائد السفينة ياخد قرار مصيري.. قرار هيحدد مصير بلد بحالها.. يا إما نغرق.. يا إما نعدي لبر الأمان.. وفي اللحظة دي.. الرئيس السيسي راهن بكل ثقله على رجل واحد.. رهان مكنش سهل أبداً.. فمين هو الرجل ده؟.. وإزاي الرئيس تجاهل كل حملات التشكيك اللي حاولت تهز صورته؟.. والأهم.. إزاي الرجل ده بنفسه.. رد في صمت.. وبأفعال مش بكلام.. وأخرس كل الألسنة وشقلب الترابيزة على الجميع؟
عشان نفهم حجم الرهان.. لازم نرجع بالزمن لورا شوية.. لسنة 2022 و2023.. فترة من أصعب الفترات في تاريخ مصر.. فلوس سخنة بالمليارات خرجت من البلد.. احتياطي النقد الأجنبي بينزف.. ووحش اسمه "السوق السوداء للدولار" بيكبر كل يوم.. لدرجة إنه كان بيخلق سعرين للعملة.. وشلل شبه تام في الأسواق.. كانت فترة ضبابية.. ومحدش كان عارف إحنا رايحين على فين.
في وسط كل ده.. كان لازم تغيير في قيادة البنك المركزي.. وهنا الرئيس السيسي اختار اسم.. يمكن مكنش متوقع لناس كتير.. "حسن عبد الله".. المصرفي المخضرم اللي جاي من القطاع الخاص.. مش من مدرسة البنك المركزي التقليدية.
أول ما تم إعلان الاسم.. بدأت حملات تشكيك وهمس في كل مكان.. ناس قالت ده مجرد مصرفي بتاع بنوك خاصة.. إيه اللي هيفهمه في إدارة سياسة بلد نقدية كاملة؟.. وناس تانية قالت الأزمة أكبر منه.. وناس تالتة كانت بتضغط عشان ياخد قرارات سريعة وعنيفة.. ولما كان بياخد وقته في دراسة الموقف.. كانوا بيقولوا "فين المحافظ؟.. هو ساكت ليه؟".

الرئيس السيسي كان بيسمع كل ده.. لكنه كان شايف حاجة تانية خالص.. كان شايف العقلية الهادية الاستراتيجية اللي بتقدر تخطط للمعركة قبل ما تدخلها.. كان واثق في خبرته الدولية وقدرته على التفاوض بهدوء.. عشان كده.. الرئيس تجاهل كل الضوضاء دي.. وقرر يدي الرجل الثقة والوقت الكامل.. وكان عارف إن الرهان ده في محله.
طب حسن عبد الله نفسه رد إزاي على المشككين دول؟.. الرد مكنش ببيانات صحفية ولا بتصريحات رنانة.. الرد كان "أفعال" على الأرض.. أفعال كانت زي ضربات لاعب الشطرنج المحترف.. هادية.. محسوبة.. وفي الآخر.. "كش ملك".
أولا.. الهدوء الذي يسبق العاصفة.. حسن عبد الله قضى شهور طويلة بيشتغل في صمت.. مكنش بيحارب السوق السودا بقرارات متسرعة.. لأ.. ده كان بيجهز "الترسانة" اللي هيحارب بيها.. كان بيسافر شرق وغرب.. يتفاوض مع المؤسسات الدولية.. ويبني شبكة من الثقة.. وفي نفس الوقت.. كان جزء من فريق التفاوض على صفقة "رأس الحكمة".. أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر.
و لما جهز الترسانة.. وجمع ذخيرة دولارية غير مسبوقة.. وفي يوم واحد.. 6 مارس 2024.. وجه ضربته المزدوجة.. قرار تاريخي بتحرير كامل لسعر الصرف.. مع رفع الفايدة 600 نقطة أساس.. الضربة دي كانت كفيلة إنها تقضي على السوق السودا في ساعات.. مش أيام.
بعد الضربة دي.. المشككين نفسهم سكتوا.. وبدأوا يشوفوا النتائج اللي بتتكلم لوحدها.. .. السوق السودا.. اتبخرت. .. الاحتياطي النقدي.. قفز لمستويات تاريخية تقترب من 50 مليار دولار. .. التضخم.. نزل من مستويات الـ 35% لمستويات معقولة. .. ثقة المؤسسات الدولية رجعت.. وبقينا نشوف صفقات بالمليارات مع صندوق النقد والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.