النفط يصعد مع هجمات أوكرانيا وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية
شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا طفيفًا في بداية تداولات الأسبوع، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية إثر هجمات أوكرانية استهدفت منشآت الطاقة الروسية، إلى جانب تحسن التوقعات الاقتصادية بعد ترجيحات قوية بخفض أسعار الفائدة الأمريكية الشهر المقبل، ما عزز شهية المستثمرين تجاه السلع الأساسية.
فقد ارتفع خام برنت بمقدار 3 سنتات أو ما يعادل 0.04% ليصل إلى 67.76 دولار للبرميل عند الساعة 03:42 بتوقيت غرينتش، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 7 سنتات أو بنسبة 0.11% ليسجل 63.73 دولار للبرميل. وعلى الرغم من محدودية الارتفاع، فإن الأسواق تراقب باهتمام تأثير التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة على اتجاه أسعار النفط في المرحلة المقبلة.
الهجمات الأوكرانية وتصاعد المخاطر
جاء هذا الارتفاع عقب هجوم أوكراني جديد بطائرات مسيّرة على الأراضي الروسية يوم الأحد، ما أدى إلى تضرر عدة منشآت حيوية للطاقة. فقد تسبب الهجوم في انخفاض حاد في قدرة أحد المفاعلات النووية الكبرى في روسيا، إلى جانب اندلاع حريق ضخم في محطة «أوست لوغا» لتصدير الوقود، وهي من بين أهم المنشآت الروسية المعنية بتوريد الوقود إلى الخارج.
وفي الوقت ذاته، استمر حريق آخر في مصفاة «نوفوشاختينسك» الروسية لليوم الرابع على التوالي نتيجة هجوم مماثل. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذه المصفاة نحو 5 ملايين طن سنويًا، أي ما يعادل حوالي 100 ألف برميل يوميًا، يخصص معظمها للتصدير. ويثير استمرار هذه الهجمات قلق الأسواق العالمية من إمكانية حدوث اضطرابات أعمق في تدفقات النفط الروسي، الذي ما زال يلعب دورًا محوريًا في تلبية احتياجات الطاقة لعدد من الأسواق الناشئة والمتقدمة.
الموقف الأمريكي والضغوط السياسية
في خضم هذه التطورات، قال نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس إن روسيا قدمت "تنازلات مهمة" في مسار المفاوضات، مشيرًا إلى أن موسكو أدركت استحالة فرض نظام موالٍ لها في كييف، كما أبدت قبولها بضمانات أمنية لسيادة أوكرانيا.
لكن في المقابل، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة تهديداته بفرض عقوبات إضافية على روسيا إذا لم يتحقق تقدم ملموس نحو تسوية سلمية خلال أسبوعين، ما يزيد من حالة الغموض بشأن آفاق التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.
توقعات خفض الفائدة الأمريكية وتأثيرها على السوق
بعيدًا عن الملف الجيوسياسي، تلقت أسعار النفط دعمًا من الأسواق المالية بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي ألمح يوم الجمعة إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في اجتماع الشهر المقبل. هذه التصريحات عززت رهانات المستثمرين على زيادة السيولة وتراجع تكلفة الاقتراض، ما يرفع عادة من الإقبال على السلع الأساسية كالنفط والمعادن.
ويرى محللون لدى بنك إيه إن زد أن "تحسن شهية المخاطرة عبر الأسواق العالمية أسهم في تعزيز الإقبال على السلع الأساسية، مدعومًا بمخاوف جديدة حول الإمدادات في قطاعات الطاقة والمعادن".
توقعات المرحلة المقبلة
وبينما تظل أسعار النفط محكومة بمزيج من العوامل السياسية والاقتصادية، يرى خبراء الطاقة أن اتجاه الأسعار في الفترة المقبلة سيتوقف على:
مدى استمرار الهجمات الأوكرانية ضد البنية التحتية الروسية للطاقة.
مستقبل المفاوضات الروسية-الأوكرانية وإمكانية التوصل إلى هدنة تقلل من حدة التوترات.
قرارات الفيدرالي الأمريكي بشأن الفائدة، وانعكاسها على حركة رؤوس الأموال والاستثمار في السلع.
في ضوء ذلك، تبقى الأسواق في حالة ترقب حذر، حيث يتوقع محللون أن تشهد أسعار النفط تقلبات ملحوظة في الأسابيع المقبلة، ما بين ضغوط جيوسياسية وارتباط وثيق بتوجهات السياسة النقدية العالمية.
