محافظ البنك المركزي بالكونغو الديمقراطية يتعهد بإصلاحات استراتيجية لتعزيز الفرنك ومواجهة الدولرة

أعلن الحاكم الجديد للبنك المركزي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أندريه واميسو، عن عزمه تنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات النقدية والمالية تهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني، ودعم العملة المحلية (الفرنك الكونغولي)، في مواجهة التحديات المتزايدة التي تشهدها البلاد جراء ظاهرة "الدولرة" والاعتماد المفرط على الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية والمالية.
وأكد واميسو، في كلمة ألقاها بمقر البنك المركزي في كينشاسا، أن أولوياته خلال المرحلة المقبلة ستتركز على "إعادة الثقة في العملة الوطنية، وبناء سوق مالي متكامل، وتوسيع الشمول المالي"، مشددًا على أن نجاح هذه الإصلاحات يتطلب تعاونًا وثيقًا بين البنك المركزي والحكومة والقطاع المصرفي والجهات الدولية.
وتعد ظاهرة الدولرة من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الكونغو الديمقراطية منذ عقود، حيث يعتمد معظم التجار والمستهلكين على الدولار الأمريكي بدلًا من الفرنك الكونغولي في المعاملات اليومية، وهو ما يضعف فعالية السياسة النقدية ويقيد قدرة الدولة على إدارة التضخم وحماية القوة الشرائية للمواطنين. وأوضح المحافظ أن "التحول نحو اقتصاد يعتمد بالأساس على العملة المحلية ليس خيارًا بل ضرورة لبناء سيادة اقتصادية حقيقية".
وأشار واميسو إلى أن الإصلاحات ستشمل تعزيز أدوات الرقابة على البنوك، وتطوير أنظمة الدفع الإلكتروني، وتوسيع قاعدة الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية. كما كشف عن خطط لإطلاق برامج توعية للمواطنين حول أهمية التعامل بالعملة الوطنية ودورها في دعم التنمية الاقتصادية.
من جانب آخر، أوضح خبراء اقتصاديون أن نجاح هذه الإصلاحات يتوقف على قدرة البنك المركزي على احتواء معدلات التضخم المرتفعة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، وتحقيق استقرار نسبي في سعر الصرف. كما أشاروا إلى أن الدعم الدولي، سواء من صندوق النقد الدولي أو الشركاء الإقليميين، سيكون حاسمًا في توفير التمويل والتقنيات اللازمة لتطبيق الإصلاحات بشكل فعّال.
وتواجه الكونغو الديمقراطية بيئة اقتصادية معقدة نتيجة اعتمادها الكبير على صادرات المعادن، خاصة الكوبالت والنحاس، ما يجعل اقتصادها عرضة لتقلبات أسعار السلع في الأسواق العالمية. ويرى محللون أن أي إستراتيجية لتعزيز العملة المحلية يجب أن تقترن بتنويع مصادر الاقتصاد، وتحفيز الاستثمارات في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات.
وفي هذا السياق، دعا واميسو إلى تطوير سوق مالي وطني قادر على استقطاب المدخرات المحلية وتوجيهها نحو الاستثمار المنتج، مؤكدًا أن البنك المركزي سيعمل على تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الشفافية المالية، وتشجيع البنوك على زيادة التمويل الموجه للقطاعات الإستراتيجية.
واختتم محافظ البنك المركزي كلمته بالتأكيد على أن "الإصلاحات لن تكون سهلة أو سريعة، لكنها ضرورية لضمان مستقبل أكثر استقرارًا للأجيال القادمة"، معربًا عن ثقته في أن التعاون بين جميع الفاعلين سيؤدي إلى إرساء أسس متينة لاقتصاد وطني قوي ومستدام.