ماذا سيفعل البنك المركزي في اجتماعه المرتقب؟.. بنوك تتوقع مفاجأة

مع اقتراب موعد الاجتماع الخامس للجنة السياسة النقدية بـ البنك المركزي المصري، المقرر عقده يوم الخميس 28 أغسطس 2025، تتجه الأنظار نحو القرار المرتقب بشأن أسعار الفائدة، الذي يعد بمثابة بوصلة اقتصادية تحدد مسار الأسواق المصرية خلال الفترة المقبلة.
ووسط تحسن ملحوظ في المؤشرات الاقتصادية، مثل تراجع معدلات التضخم واستقرار الجنيه المصري، تتزايد التوقعات بإمكانية خفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و3%، بينما يرى آخرون أن التثبيت قد يكون الخيار الأكثر أمانًا في ظل التحديات العالمية والمحلية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض توقعات سعر الفائدة في إجتماع البنك المركزي القادم خلال أيام.
توقعات بخفض الفائدة
وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى انخفاض معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.9% في يوليو 2025، مقارنة بـ14.9% في يونيو، وهو ما يعكس تراجع الضغوط التضخمية.
كما سجل التضخم الشهري قراءات سالبة، مما يعزز من فرص البنك المركزي لتخفيف سياسته النقدية، وهذا التحسن، إلى جانب الصعود القوي للجنيه المصري أمام الدولار، يمنح البنك مساحة للمناورة دون التأثير على جاذبية الأصول المحلية.
ووفقًا لاستطلاع حديث، توقعت ثمانية بنوك استثمار، من بينها "إي إف جي القابضة" و"زيلا كابيتال" و"الأهلي فاروس"، خفضًا لأسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس على الأقل.
ويستند هذا التوقع إلى عوامل مثل ارتفاع الفائدة الحقيقية إلى مستويات مريحة (10%)، واستقرار أسعار الطاقة، والتحسن في مؤشرات المخاطر السيادية مثل عقود مقايضة العجز الائتماني.
وفي المقابل، يرى بنكان، من بينهما "النعيم" و"عربية أون لاين"، أن التثبيت قد يكون الخيار الأنسب لدعم تدفقات النقد الأجنبي، خاصة مع خطط إصدار صكوك بقيمة مليار دولار بين سبتمبر وأكتوبر 2025.

آراء الخبراء بين التيسير النقدي والحذر الاقتصادي
ومحمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في "إي إف جي القابضة"، أشار إلى أن قراءة التضخم الإيجابية لشهر يوليو، إلى جانب توقعات خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سبتمبر، تدعم قرار خفض الفائدة بنسبة 1%.
ومن جانبه، يرى هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في "الأهلي فاروس"، أن الخفض قد يصل إلى 2%، مدعومًا بتباطؤ التضخم وتحسن أداء الجنيه، مع توقعات بأن يصل إجمالي الخفض السنوي إلى 7.25% بحلول نهاية 2025.
على الجانب الآخر، حذرت سلمى طه، رئيسة قطاع الأبحاث في "النعيم"، من أن خفض الفائدة قد يكون سابقًا لأوانه، نظرًا لاحتياجات التمويل الخارجي وتوقيت إصدار الصكوك.
وتتفق معها مصطفى شفيع من بنك "عربية أون لاين"، الذي يرجح تأجيل التيسير النقدي إلى أكتوبر، مع خفض محتمل بـ 100 نقطة أساس، يتبعه خفضان إضافيان في نوفمبر وديسمبر.
تأثير القرار على الاقتصاد المصري
وقرار البنك المركزي المرتقب سيؤثر بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض، وسعر صرف الجنيه، ومعدلات التضخم.
وخفض الفائدة من شأنه أن يحفز الاستثمار والاستهلاك عبر تقليل تكلفة القروض، مما يدعم القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والسياحة.
ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من أن خفضًا سابقًا لأوانه قد يؤثر على تدفقات الأموال الساخنة، خاصة مع استمرار التقلبات الجيوسياسية العالمية.
من ناحية أخرى، يرى باسم أبوغنيمة، خبير أوراق المال، أن خفض الفائدة سيؤدي إلى زيادة الإقبال على سوق الأسهم، حيث سيتجه المستثمرون نحو أدوات استثمارية تحقق عوائد أعلى مثل الأسهم بدلاً من أدوات الدخل الثابت، وهذا التحول قد يعزز من نشاط البورصة المصرية، التي تشهد بالفعل اتجاهًا صعوديًا.
تحديات واعتبارات مستقبلية
ورغم التفاؤل بتراجع التضخم، يواجه البنك المركزي تحديات مثل التقلبات العالمية في أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية، التي قد تؤثر على الأسعار المحلية.
كما أن قرارات تحريك أسعار الطاقة أو السلع المحددة إداريًا قد تعيد الضغوط التضخمية، مما يتطلب توازنًا دقيقًا بين تحفيز النمو والسيطرة على التضخم.
واجتماع البنك المركزي المصري المقبل يمثل لحظة حاسمة في مسار السياسة النقدية لعام 2025، ومع توقعات متباينة بين خفض الفائدة لدعم النمو الاقتصادي والإبقاء عليها للحفاظ على استقرار الأسواق، يبقى القرار مرهونًا بقراءة دقيقة للبيانات الاقتصادية.
وسواء اختار البنك الخفض أو التثبيت، فإن الهدف الأسمى هو تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار وتعزيز النشاط الاقتصادي، في ظل آمال بأن تستمر المؤشرات الإيجابية في دعم الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.