الإثنين 25 أغسطس 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

الجنيه المصري مفاجأة في 2025.. هل بدأ زمن التعافي؟

الأحد 24/أغسطس/2025 - 10:00 م
الجنيه المصري مفاجأة
الجنيه المصري مفاجأة في 2025.. هل بدأ زمن التعافي؟

يشهد الجنيه المصري مرحلة لافتة من التعافي، بعدما نجح خلال الشهور الماضية في تسجيل أفضل أداء له منذ بداية عام 2025، في وقتٍ تترابط فيه مؤشرات الصرف مع تحسن الاحتياطيات الدولية وزيادة مصادر النقد الأجنبي.

هذا الأداء القوي الجنيه المصري في عام 2025، لا يعكس فقط قوة السياسات النقدية المطبقة، بل يؤكد أيضًا عودة الثقة تدريجيا في الاقتصاد المحلي من جانب المؤسسات الدولية والمستثمرين، وهو ما ظهر جليا في مختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية في مصر.

الجنيه المصري مفاجأة في 2025.. هل بدأ زمن التعافي؟

تراجع الدولار أمام الجنيه وصعود الاحتياطي الأجنبي

كشف تقرير رسمي أن سعر صرف الدولار أمام الجنيه قد تراجع بنسبة 4.9% ليسجل 48.36 جنيها في 14 أغسطس 2025، مقارنة بـ 50.84 جنيها في الثاني من يناير من العام ذاته، ويعد هذا التراجع الأكبر منذ بداية العام، ويمثل مؤشرا على انحسار الفجوة السعرية بين السوق الرسمية والموازية، وهو ما طالما كان أحد أبرز التحديات التي تواجه السياسات الاقتصادية في مصر.

التقرير أوضح أن صافي الاحتياطيات الدولية ارتفع بنسبة 5.4%، ليصل إلى 49 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، مقارنةً بـ 46.5 مليار دولار في يوليو 2024، وهذا الارتفاع في الأرصدة الأجنبية يعزز قدرة مصر على تلبية التزاماتها المالية، ويمنح البنك المركزي مساحة أكبر في إدارة السياسة النقدية والحفاظ على استقرار سعر الصرف.

قفزة في تحويلات المصريين بالخارج

من أبرز المؤشرات الإيجابية التي رصدها التقرير، الزيادة القياسية في تحويلات العاملين بالخارج، فقد قفزت بنسبة 59.6% خلال الفترة من يناير حتى مايو 2025 لتسجل 15.8 مليار دولار، مقارنة بـ 9.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من 2024، هذه القفزة لا تعكس فقط الثقة في الاقتصاد المحلي، بل تشير أيضًا إلى استعادة السوق الرسمية قدرتها على استيعاب تلك التدفقات بعيدا عن قنوات السوق غير الرسمية.

الجنيه المصري مفاجأة في 2025.. هل بدأ زمن التعافي؟

نمو الصادرات السلعية وانتعاش السياحة في مصر

الصادرات بدورها سجلت صعودا ملحوظا بنسبة 20.5%، لتبلغ 22.3 مليار دولار خلال أول خمسة أشهر من 2025، مقارنة بـ 18.5 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024، ويُعزى هذا التحسن إلى زيادة تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية، مدعوما بمرونة سعر الصرف وسياسات تشجيع التصدير التي أسهمت في فتح أسواق جديدة.

كما واصل قطاع السياحة أداءه القوي مسجلًا زيادة في الإيرادات بنسبة 21.2%، إذ حقق 8 مليارات دولار خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2025، مقابل 6.6 مليار دولار في العام السابق، ويُعد أحد أهم روافد العملة الصعبة، حيث يعكس التعافي التدريجي بعد سنوات من التحديات العالمية والإقليمية، إضافة إلى استفادة مصر من تنوع مقاصدها السياحية وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية.

إشادات دولية بأداء الجنيه والاقتصاد المصري

لم يقتصر التحسن في أداء الجنيه المصري على الأوساط المحلية فحسب، بل انعكس أيضا في تقارير المؤسسات المالية والإعلامية العالمية التي تابعت عن قرب التطورات الاقتصادية في مصر، حيث رأت المؤسسات أن ما حدث لم يكن مجرد تحسن عابر في سعر الصرف، بل يعكس مسارا جديدا يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام التحديات العالمية.

فقد أوضحت وكالة بلومبرج أن الجنيه المصري تمكن من تسجيل أعلى مستوى له خلال العام الجاري، مدفوعا بمجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تراجع أسعار النفط العالمية، وزيادة الصادرات المصرية، إلى جانب النمو الملحوظ في إيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، واعتبرت الوكالة أن هذه العوامل مجتمعة منحت العملة المحلية دفعة قوية في مواجهة الدولار، لتصبح أكثر استقرارًا مقارنة بالفترات السابقة.

أما صندوق النقد الدولي فقد ركز في تقييمه على مرونة سعر الصرف باعتبارها العامل الأكثر تأثيرا في تحسين الأوضاع النقدية، مؤكدا أن هذه المرونة أسهمت في غلق الفجوة السعرية مع السوق الموازية، وإنهاء تراكم طلبات الاستيراد التي مثلت ضغطا كبيرا على الاقتصاد لفترات طويلة، فضلا عن أنها فتحت المجال أمام تدفقات قوية من العملات الأجنبية، سواء عبر السياحة أو تحويلات المصريين بالخارج.

من جانبها، أشارت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إلى أن السياسة النقدية الحالية، القائمة على تحرير حركة العملة وتوافر الاحتياطيات الأجنبية، توفر مظلة حماية مهمة للاقتصاد المصري ضد المخاطر والصدمات الخارجية.

وأكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أن هذه العوامل تمثل ضمانة لاستمرار استقرار الجنيه وتعزيز قدرته على الصمود أمام التقلبات العالمية في أسعار الطاقة أو حركة رؤوس الأموال.

كما رأت مؤسسة جولدمان ساكس أن استقرار الجنيه المصري خلال الأشهر الأخيرة لم يكن مجرد مؤشر نقدي، بل ساهم بشكل مباشر في تخفيف حدة التضخم الناتج عن فاتورة الواردات، مشيرة إلى أن تراجع الضغوط التضخمية المرتبطة بالاستيراد أعطى الاقتصاد متنفسا جديدا، وساعد على تحسين قدرة المواطنين على مواجهة أعباء الأسعار.

وبذلك، يمكن القول إن الرؤية الدولية تكاد تكون موحدة في إشادتها بالسياسات النقدية المصرية وبالتحسن الواضح في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وهو ما يمنح العملة المحلية دعما إضافيا، ويؤسس لمرحلة أكثر استقرارا في مسار الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة.

الجنيه المصري مفاجأة في 2025.. هل بدأ زمن التعافي؟

ماذا عن مستقبل الجنيه المصري؟

تجمع المؤشرات على أن الجنيه المصري بات أكثر استقرارا مقارنة بالفترات السابقة، وأن الأداء الحالي لا يقتصر على تحسن ظرفي، بل يعكس مسارا أكثر استدامة إذا ما استمرت التدفقات الأجنبية في النمو. 

ومع ارتفاع الاحتياطيات وتراجع الفجوة السعرية، يرى خبراء أن الفترة المقبلة قد تشهد مزيدا من الانضباط في مستويات التضخم، وهو ما يمنح بيئة استثمارية أكثر جذبا ويدعم فرص الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات الخارجية.