ارتفاع الإيرادات 3 أضعاف في 7 سنوات.. شراكات دولية ومشروعات عملاقة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس

تمثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أحد أبرز المشروعات الاستراتيجية التي أولتها الدولة المصرية اهتماما خاصا في إطار مساعيها لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي ودولي في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات اللوجستية.
فقد حرصت الحكومة على تحويل منطقة قناة السويس إلى وجهة استثمارية عالمية قادرة على اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، من خلال توفير بيئة أعمال تنافسية ومستدامة، مدعومة ببنية تحتية متطورة وخدمات رقمية حديثة، بما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للتنمية.
وفي هذا التقرير من بانكير، سوف نتعرف معكم على التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي أصبحت اليوم واجهة واعدة للاستثمار العالمي، وتتمتع بمقومات استثنائية وفرص غير محدودة.
نقطة جذب استراتيجية للمستثمرين

كشف التقرير عن إشادات واسعة من المؤسسات الدولية بدور المنطقة الاقتصادية في دفع عجلة الاستثمار، حيث اعتبرت مؤسسة "أجيليتي" أن المنطقة تعد نموذجا ملموسًا لجهود مصر الحثيثة للانخراط بفاعلية في الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أنها تحولت إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي، ونقطة جذب استراتيجية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
كما أبرز التقرير ما نشرته "US News"، والتي أكدت أن المنطقة تمضي بخطى ثابتة لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي لصناعات الوقود الأخضر، مثل الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، والميثانول الأخضر، وهي مجالات تضع مصر على خريطة الاقتصاد الأخضر عالميًا.
وفي السياق ذاته، أشار "آلان بيلو"، نائب رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والذي أعرب عن سعادته بتوسيع الشراكة مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مؤكدا أن هذه المنطقة تمثل نموذجا متميزا في تسريع رقمنة الخدمات، وهو ما يعزز من فرص تحولها إلى مركز استثماري عالمي رائد.
كما لفت التقرير إلى رؤية مؤسسة "فيتش"، التي اعتبرت أن الحكومة المصرية ماضية في جهودها لجذب الاستثمارات الدولية من خلال إنشاء منطقة صناعية ضخمة على طول قناة السويس، بهدف استقطاب شركات تصنيع وخدمات لوجستية متعددة الجنسيات تعمل على مسار التجارة البحرية الدولي.
مما تتكون المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؟
صدر قرار تأسيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في أغسطس 2015 بقرار من رئيس الجمهورية، وتمتد على مساحة إجمالية تبلغ 455 مليون متر مربع، تضم 6 موانئ بحرية، و4 مناطق صناعية.
كما تضم 14 مطورا صناعيا و400 منشأة عاملة حتى نهاية ديسمبر 2024، وتوفر ما يقرب من 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وسجلت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس طفرة ملحوظة في الإيرادات خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت في العام المالي 2023/2024 نحو 8.2 مليار جنيه، منها 5.9 مليار جنيه إيرادات مقومة بالدولار (بنسبة 72%)، مقارنة بإجمالي إيرادات 2.8 مليار جنيه في العام المالي 2016/2017، ما يشير إلى نمو يزيد عن ثلاثة أضعاف، وهو ما يعكس التحول النوعي في النشاط الاقتصادي بالمنطقة ومساهمتها في دعم الاقتصاد القومي.

ريادة مصر في صناعة الوقود الأخضر
وتبذل الدولة جهودا كبيرة لتوطين صناعة الوقود الأخضر بالمنطقة، وحققت خطوات متقدمة، حيث تم توقيع 30 مذكرة تفاهم في هذا الإطار، تحولت منها 14 مذكرة إلى اتفاقيات إطارية، تقدر طاقتها الإنتاجية السنوية بنحو 18 مليون طن، وباستثمارات متوقعة تصل إلى 64 مليار دولار.
كما شهد ميناء بورسعيد في أغسطس 2023 أول عملية تموين لسفينة حاويات بالوقود الأخضر، لتصبح مصر أول دولة في إفريقيا وشرق المتوسط تحقق هذا الإنجاز، وفي نوفمبر 2023، تم تصدير أول شحنة من الأمونيا الخضراء من مصنع "مصر للهيدروجين الأخضر"، بقيمة عقد توريد إلى الاتحاد الأوروبي بلغت 397 مليون يورو، وبسعر 1000 يورو للطن حتى عام 2033.
مشروعات استثمارية متنوعة بعوائد تصديرية مرتفعة
هناك مجموعة من المشروعات الاستثمارية التي تم تدشينها أو التعاقد عليها خلال عام 2024 بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من بينها:
- مشروع شركة "ساراي" التركية لصناعة الأغذية، بإجمالي استثمارات بلغت 8 ملايين دولار، ويعتمد على التصدير بنسبة 90% من إجمالي إنتاجه.
- مشروع شركة "كيليدا" الصينية لتصنيع الأقمشة والمنسوجات المنزلية، بإجمالي استثمارات 30 مليون دولار، وتصدر أكثر من 90% من إنتاجها.
- مركز "كيميت" للبيانات، الذي يمثل نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية للمنطقة، بمساحة 80 ألف متر مربع، واستثمارات بلغت 450 مليون دولار، ويعد المشروع الأول من نوعه داخل المنطقة.
- مشروع "إروغلو إيجيبت" للملابس الجاهزة، باستثمارات تقدر بـ 51 مليون دولار، ويوفر حوالي 5000 فرصة عمل.
- مشروع "هينيواي" الصيني لتصنيع أمتعة السفر، باستثمارات 50 مليون دولار، ويخلق نحو 3000 فرصة عمل.
- مشروع شركة "سي إن جي إيجيبت نيو إنيرجي جلاس" الصينية لصناعة الزجاج، باستثمارات تبلغ 300 مليون دولار، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 1000 طن يوميًا من الزجاج المسطح، و800 طن من الزجاج الكهروضوئي.

رئيس الهيئة: المنطقة منصة متكاملة بمزايا استثنائية
في سياق متصل، استعرض المهندس وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أبرز ملامح الاستراتيجية التي تتبناها الهيئة لتطوير المنطقة، موضحا أنها تمثل منصة صناعية ولوجستية متكاملة تطل على واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم، وتتمتع بموقع جغرافي استثنائي يربط بين قارات العالم، ما يمنحها ميزة تنافسية عالمية.
وأكد جمال الدين أن الهيئة تسعى إلى توفير بيئة أعمال محفزة، من خلال بنية تحتية قوية، ونظام جمركي مرن، وإجراءات تشغيل ميسرة، فضلا عن منظومة متكاملة من المرافق والخدمات اللوجستية الحديثة، التي تدعم التوسع في الأنشطة التصديرية نحو الأسواق الإقليمية والدولية، خاصة في إفريقيا، وأوروبا، والشرق الأوسط.
كما أشار إلى أن الهيئة تركز حاليا على استقطاب صناعات الفولاذ المقاوم للصدأ، في إطار دعم الصناعات المغذية لقطاع السيارات، إلى جانب التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، بما يتسق مع أهداف تعميق التصنيع المحلي وتعزيز سلاسل الإمداد الاستراتيجية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أصبحت مستعدة لاستقبال مختلف أنواع المشروعات الصناعية والتجارية، مدعومة بحوافز تنافسية، وبنية تحتية حديثة، تؤهلها لتكون أحد أعمدة الاقتصاد المصري الحديث، وقاطرة للتنمية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.