ترامب يهاجم مشروع تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي ويطالب بخفض الفائدة ثلاث نقاط مئوية

في خطوة غير معتادة، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة مقر الاحتياطي الفيدرالي في العاصمة واشنطن، حيث وجّه انتقادات حادة لمشروع تجديد مباني البنك المركزي، الذي تبلغ تكلفته نحو 2.5 مليار دولار، معتبرًا أن الإنفاق «مبالغ فيه» ويعكس «سوء إدارة وربما فسادًا»، وفق تعبيره.
جاءت الزيارة قبل أقل من أسبوع من انعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية للفيدرالي، حيث يسعى ترامب للضغط من أجل خفض أسعار الفائدة بمقدار ثلاث نقاط مئوية على الأقل لدعم الاقتصاد. وخلال جولة ميدانية داخل المنشآت، شدد الرئيس الأمريكي على أن «من الضروري أن يتخذ رئيس الفيدرالي جيروم باول القرار الصحيح»، لكنه استبعد في الوقت نفسه إقالته قائلاً: «هذه خطوة كبيرة ولا أعتقد أنها ضرورية الآن».
وأوضح ترامب أن تقديرات تكلفة المشروع ارتفعت مؤخرًا إلى 3.1 مليار دولار بعد إدخال تعديلات جديدة تتضمن إضافة مبنى ثالث. وعندما اعترض باول على الرقم، قدم له ترامب وثيقة تُظهر زيادة التكاليف، في حين أكد باول أن مبنى "مارتن بيلدنغ"، الذي أُضيف إلى التقديرات، قد تم تجديده قبل خمس سنوات ولا يُفترض أن يُحتسب ضمن المشروع الجديد.
ورافق ترامب في الجولة راسل فوت، مدير مكتب الميزانية بالبيت الأبيض، وجيمس بلير، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، اللذان وجّها انتقادات حادة للمشروع واعتبراه «فاخراً بشكل مفرط» ويعاني من «سوء الرقابة وربما الفساد». كما حضر السيناتور الجمهوري تيم سكوت، رئيس لجنة البنوك في مجلس الشيوخ، الذي طالب باول بتقديم إيضاحات حول إدارة المشروع ومبررات ارتفاع تكلفته.
من جهته، دافع الاحتياطي الفيدرالي عن المشروع عبر وثائق رسمية، مشيرًا إلى أن ارتفاع التكلفة يرجع إلى إزالة مواد سامة من المباني القديمة، وارتفاع أسعار المواد والعمالة، بالإضافة إلى تعزيز المتطلبات الأمنية بما في ذلك تركيب نوافذ مقاومة للانفجارات. وأوضح أن المشروع، الذي بدأ في منتصف عام 2022، يسير وفق الجدول الزمني المقرر، ومن المتوقع الانتهاء منه في عام 2027، مع الانتقال الكامل إلى المقر الجديد في مارس 2028.
وتأتي هذه المواجهة العلنية في ظل أزمة سياسية متصاعدة تواجه إدارة ترامب، بعد رفضها الإفراج عن ملفات تتعلق بالمجرم الجنسي الراحل جيفري إبستين، وهو ما اعتُبر تراجعًا عن وعود انتخابية أطلقها ترامب. ويرى محللون أن تصعيد هجومه على باول ومشروع الفيدرالي قد يكون محاولة لصرف الأنظار عن هذه الأزمة، خصوصًا مع تزايد الضغوط السياسية في واشنطن.
وعلى الرغم من التوتر الذي طغى على الزيارة، تجنّب باول الدخول في مواجهة مباشرة مع ترامب، حيث اكتفى بالاستماع لملاحظاته من دون تعليق يُذكر. في المقابل، كرر ترامب دعوته لخفض أسعار الفائدة بشكل حاد، قائلاً: «أود حقًا أن يخفضها، فهذا ضروري لدعم الاقتصاد الأمريكي».
ويرى مراقبون أن تصريحات ترامب قد تضيف مزيدًا من الضغوط السياسية على الاحتياطي الفيدرالي، الذي يواجه بالفعل تحديات تتعلق بكبح التضخم دون الإضرار بالنمو، في وقت تستعد فيه الأسواق لاستقبال قرارات البنك المقبلة وسط تذبذب في توقعات المستثمرين.