بولندا تطلق أول تجربة وطنية لتقليص أسبوع العمل إلى 32 ساعة وسط اهتمام أوروبي متزايد

أطلقت الحكومة البولندية، اعتبارًا من اليوم الثلاثاء، أول مشروع تجريبي وطني لتقليص ساعات العمل الأسبوعية، في خطوة تاريخية تهدف إلى إعادة توازن الحياة المهنية والشخصية وتعزيز رفاهية الموظفين، وسط متابعة أوروبية واسعة لتجربة قد تؤسس لتحول كبير في مفاهيم العمل التقليدية.
ويمنح المشروع التجريبي – بحسب ما أعلنته السلطات – العاملين في المؤسسات المشاركة خيارين: إما العمل 32 ساعة على مدار أربعة أيام، أو 35 ساعة موزعة على خمسة أيام، وذلك دون تخفيض في الرواتب أو الامتيازات.
الهدف: تحسين الإنتاجية وليس تقليلها
وأوضحت الحكومة أن التجربة تهدف إلى اختبار تأثير تخفيض ساعات العمل على الإنتاجية، والصحة النفسية، والتوازن الحياتي، لا سيما في ظل الضغوط المتزايدة التي خلّفتها أنماط العمل بعد جائحة "كوفيد-19"، واتساع النقاشات حول الإرهاق المهني وتراجع جودة الحياة.
وتشارك في المشروع مجموعة مختارة من الشركات الخاصة والمؤسسات العامة، حيث سيتم تقييم التجربة وفق معايير دقيقة تتضمن معدلات الأداء، والرضا الوظيفي، والتأثير على معدلات التوظيف، إلى جانب الجوانب الاقتصادية المرتبطة بتكاليف التشغيل.
اهتمام أوروبي وترقب عالمي
ويُنظر إلى التجربة البولندية على أنها واحدة من أكثر النماذج طموحًا على مستوى دول شرق أوروبا، وتأتي في أعقاب تجارب مماثلة في دول مثل آيسلندا، إسبانيا، والمملكة المتحدة، والتي أظهرت نتائج أولية واعدة من حيث ارتفاع الكفاءة واستقرار الأداء الوظيفي.
وتسعى بولندا من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز تنافسية سوق العمل لديها، وجذب الكفاءات الشابة، وخلق بيئة أكثر مرونة وجاذبية للعمل، في وقت تواجه فيه الاقتصادات الأوروبية تحديات ديموغرافية وهيكلية أبرزها شيخوخة القوة العاملة ونقص المهارات التقنية.
بين دعم النقابات وتحفّظ بعض رجال الأعمال
وحظيت المبادرة بدعم واسع من النقابات العمالية وجمعيات حقوق العاملين، التي اعتبرتها تطورًا تاريخيًا نحو عدالة زمنية في بيئة العمل، فيما أبدى بعض أصحاب الأعمال تحفظهم بشأن تأثيرها المحتمل على تكاليف التشغيل والإنتاج، مطالبين بتقييم دقيق للنتائج قبل تعميمها على نطاق أوسع.
ومن المنتظر أن تستمر التجربة عدة أشهر، على أن تقدم الحكومة تقريرًا مفصلًا في نهاية المرحلة التجريبية، يحدد مستقبل العمل المختصر في بولندا وما إذا كانت ستتحول إلى سياسة وطنية دائمة.