بنك التسويات الدولية: الحروب التجارية تهدد بتفكك النظام الاقتصادي الراهن
حذر بنك التسويات الدولية، في تقريره السنوي الصادر اليوم الأحد، من أن الاقتصاد العالمي يواجه مرحلة مفصلية من الضبابية والتقلبات، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية التي تهدد بتقويض أسس النظام المالي العالمي الذي بُني على مدى عقود.
وقال أجوستين كارستنز، الرئيس المنتهية ولايته للبنك، إن العالم يدخل "حقبة جديدة من عدم اليقين"، حيث أصبحت الثقة في المؤسسات الدولية، بما في ذلك البنوك المركزية، موضع اختبار حقيقي.
ويأتي التقرير في توقيت حساس، قبل أيام من الموعد المحدد لبدء تطبيق رسوم جمركية تجارية جديدة أعلنت عنها الولايات المتحدة، وفي أعقاب ستة أشهر من اضطرابات جيوسياسية حادة زادت من هشاشة الاقتصاد العالمي.
ويعتبر بنك التسويات الدولية – ومقره سويسرا – بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية، ويكتسب تقريره السنوي أهمية خاصة نظرًا لعلاقته الوثيقة بصناع السياسات المالية والنقدية حول العالم.
وأشار كارستنز إلى أن تصاعد سياسات الحماية التجارية والانقسامات الجيوسياسية يمثل مصدر قلق بالغ، في ظل استمرار تراجع معدلات النمو والإنتاجية عالميًا. وأضاف أن قدرة الاقتصادات على مواجهة الصدمات تراجعت بشكل ملحوظ، في ضوء تحديات مثل شيخوخة السكان، تغير المناخ، تعقيد سلاسل التوريد، وتراكم مستويات الدين العام.
كما نبه التقرير إلى أن الارتفاع الحاد في التضخم بعد جائحة كوفيد-19 ترك تأثيرًا دائمًا على توقعات الجمهور بشأن الأسعار، ما يزيد من صعوبة إدارة السياسة النقدية.
وحول تصاعد الدين العام عالميًا، أشار كارستنز إلى أن هذا الاتجاه يُقوّض قدرة الحكومات على مواجهة الأزمات، خاصة في ظل الزيادات المحتملة في الإنفاق العسكري. وقال صراحة: "لا يمكن لهذا النهج أن يستمر".
وفي سياق متصل، علّق كارستنز بحذر على الانتقادات التي وجهها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مؤكدًا أن "الاحتكاك بين الحكومات والبنوك المركزية أمر متوقع، بل يكاد يكون مقصودًا أحيانًا"، ما يعكس تعقيدات العلاقة بين الاستقلال النقدي والضغوط السياسية.
ويعد هذا التقرير بمثابة نافذة لفهم المزاج العام والتوجهات المستقبلية لصناع السياسات النقدية والمالية، خاصة في ظل التحديات المتراكمة التي تهدد استقرار النظام الاقتصادي العالمي.
