"أبو قير للأسمدة" تبدأ التشغيل التدريجي لمصانعها بعد عودة إمدادات الغاز

أعلنت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، في بيان إلى البورصة المصرية اليوم، عن بدء التشغيل التدريجي للمصانع بعد استئناف إمدادات الغاز الطبيعي للشركة.
وفي تطور يعكس التحديات المتزايدة التي تواجه قطاع الصناعة في مصر، أعلنت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية – أحد أعمدة صناعة الأسمدة في البلاد والمنطقة – عن استئناف التشغيل التدريجي لمصانعها، بعد استعادة ضخ الغاز الطبيعي الذي كان قد توقف بشكل مفاجئ خلال الأيام الماضية، متسببًا في تعليق مؤقت للإنتاج.
البيان الصادر عن الشركة والموجه للبورصة المصرية أوضح أن العمل جارٍ لاستعادة الطاقة الإنتاجية تدريجيًا، في ظل تحسن إمدادات الغاز، مؤكدة التزامها بإخطار السوق بأي تطورات جوهرية تتعلق بالإنتاج أو الأداء المالي.
لكن هذا الإعلان، على أهميته، لم يمرّ دون أن يثير تساؤلات أوسع حول أمن الطاقة في مصر، خاصة في ظل ما اعتبره مراقبون "حلقة جديدة في سلسلة أزمات الإمدادات" التي تُنذر بتهديد مباشر لقدرة الصناعة الوطنية على العمل بكفاءة وانتظام.
إنتاج الأسمدة في مهب أزمة الطاقة
تُعد "أبو قير للأسمدة" من بين أكبر المنتجين والمصدرين للأسمدة النيتروجينية في مصر، وتلعب دورًا حيويًا في دعم الميزان التجاري والصادرات الزراعية، خاصة للأسواق الإفريقية والآسيوية. وبالتالي فإن أي تعطّل – حتى وإن كان مؤقتًا – قد ينعكس ليس فقط على نتائج الشركة، ولكن أيضًا على القدرة التصديرية للقطاع الزراعي المصري ككل.
وبحسب محللين في سوق الطاقة والصناعة، فإن توقف الإنتاج خلال الأيام الماضية قد يترك أثرًا ملحوظًا على النتائج المالية للربع الثاني، وسط توقعات باضطراب في تنفيذ العقود التصديرية قصيرة الأجل، وارتفاع تكلفة الالتزام بها في حال اللجوء إلى تعويض الفاقد من المخزون أو السوق المحلية.
أزمة هيكلية في توزيع الغاز؟
تعكس الأزمة الأخيرة جانبًا أعمق يتعلق ببنية توزيع الغاز في مصر، والتي تعاني – بحسب مراقبين – من اختلالات هيكلية في موازنة الاستهلاك بين القطاعات. ففي حين تستحوذ الصناعات الثقيلة على نسبة كبيرة من الغاز، تواجه البلاد في فترات الذروة صعوبات في تلبية الطلب من دون اللجوء إلى سياسات إعادة توزيع الإمدادات أو ترشيد الاستهلاك الإجباري، ما يترك الصناعة عرضة لهزات مفاجئة.
دعوات لتسريع التحوّل الطاقي
في هذا السياق، تتعالى الدعوات بين خبراء الصناعة والطاقة لتسريع استراتيجية التحوّل إلى الطاقة المتجددة، ليس فقط لأهداف بيئية، بل لضمان استقرار تدفق الطاقة للصناعة وتقليل الاعتماد الحرج على مصدر واحد مثل الغاز الطبيعي.
ويرى الدكتور شريف عبد القادر، خبير الطاقة الصناعية، أن "ما حدث في أبو قير ليس حادثًا معزولًا، بل مؤشر على حاجة ملحة لإعادة هيكلة منظومة الطاقة الصناعية، عبر دمج مصادر بديلة مثل الكهرباء المولدة من الرياح والشمس في دورة الإنتاج، وإعادة النظر في آليات التسعير والتوزيع".
الاختبار الحقيقي للسياسات الصناعية والطاقة في مصر
تفتح هذه الأزمة بابًا واسعًا للنقاش حول مدى جاهزية السياسات الحكومية في التعامل مع تعقيدات ملف الطاقة والصناعة معًا. فمع اتساع فجوة الاستهلاك، وارتفاع الطلب الصناعي، تصبح الحاجة إلى رؤية استراتيجية متكاملة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وتبقى عودة تشغيل مصانع "أبو قير" خطوة مهمة في استعادة الإنتاج، لكنها لا تُخفي الحاجة العاجلة لمعالجة الجذور البنيوية لأزمات الطاقة في مصر، خاصة في ظل التزامات الدولة بتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي وزيادة الصادرات غير البترولية، وهي أهداف لن تتحقق دون بنية طاقية مرنة، مستقرة، ومستدامة.