المركزي الكولومبي يتجه لتثبيت الفائدة عند 9.25% رغم تراجع التضخم وسط ضغوط مالية متصاعدة

من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الكولومبي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 9.25% خلال اجتماعه اليوم، في خطوة تعكس الحذر من تداعيات التدهور المالي المتسارع، رغم استمرار تراجع معدلات التضخم وتزايد توقعات الأسواق ببدء دورة تيسير نقدي جديدة.
ووفقًا لاستطلاع أجرته وكالة رويترز، فإن غالبية المحللين يتوقعون تثبيت الفائدة، بينما رجّحت قلة منهم خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس، في ظل مفارقة لافتة بين التحسن النسبي في مؤشرات الأسعار، وتصاعد القلق المالي والسياسي بشأن سياسات الحكومة اليسارية بقيادة الرئيس غوستافو بيترو.
قلق الأسواق: انحراف مالي وتآكل الثقة
أثار تعليق العمل بـ"القاعدة المالية" – وهي أداة رقابية تهدف إلى ضبط الإنفاق والعجز – موجة انتقادات من الأوساط الاقتصادية والمالية، وسط مخاوف من اتساع فجوة العجز في الميزانية. وكانت الحكومة قد أعلنت رفع هدف العجز المالي لعام 2025 إلى 7.1% من الناتج المحلي، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 5.1%، وهو ما يُنذر بتراجع ثقة المستثمرين وارتفاع تكاليف التمويل.
كما رفعت وزارة المالية تقديرات التضخم للعام المقبل إلى 4.5%، وهو رقم قريب من تقديرات البنك المركزي عند 4.4%، وأعلى من الهدف الرسمي طويل الأجل البالغ 3%.
يقول كاميلو بيريز، مدير قسم التحليل الاقتصادي في بنك بوغوتا: "نتوقع التثبيت في اجتماع اليوم، لكن فرص الخفض بدأت تزداد في ظل تراجع التضخم وقوة البيزو وارتفاع أسعار السندات. غير أن الوضع المالي ازداد هشاشة بشكل ملحوظ".
تراجع التضخم يدفع نحو تخفيف القيود النقدية
ورغم الضغوط المالية، فقد سجل معدل التضخم السنوي تراجعًا ملموسًا، ليصل إلى 5.05% في مايو، بانخفاض يفوق التوقعات، ما يُعزز من قدرة البنك المركزي على تخفيف القيود النقدية لاحقًا دون المساس باستقرار الأسعار.
ويُذكر أن البنك المركزي كان قد خفض الفائدة بشكل مفاجئ في أبريل الماضي بمقدار 25 نقطة أساس، في أول تحرك منذ توقف دورة الخفض في ديسمبر 2023.
توقعات السوق: خفض مؤجل ولكن شبه محسوم
في استطلاع إضافي أجرته رويترز، توقع 15 محللاً بالإجماع أن تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، بينهم 11 محللاً رجحوا خفضًا في يوليو، و4 آخرون في سبتمبر، مشيرين إلى أن وتيرة التراجع في التضخم ستُجبر المركزي على التفاعل قريبًا.
ويرى محللون أن البنك المركزي يوازن حاليًا بين عاملين متضادين:
من جهة، التحسن في التضخم والعملات والأسواق المالية.
ومن جهة أخرى، الضغوط المالية المتفاقمة وغياب الانضباط المالي، مما يفرض الحذر في تسريع وتيرة التيسير النقدي.
يبدو أن البنك المركزي الكولومبي بصدد إرسال إشارة استقرار للأسواق عبر تثبيت سعر الفائدة، في محاولة لامتصاص آثار الضبابية السياسية والمالية التي أثارتها الحكومة. ومع ذلك، فإن التوجه نحو تيسير نقدي تدريجي يبدو أمرًا شبه محسوم خلال النصف الثاني من 2025، مدفوعًا بتراجع الضغوط التضخمية وضرورة تنشيط الاقتصاد الذي يواجه تحديات مالية متنامية.