مشروعات قومية عملاقة وقفزات استثمارية.. سر قوة الاقتصاد المصري في 2025

رغم الأحداث الجيوسياسية والحرب المندلعة في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل والتدخل الأمريكي والضربات الإيرانية في الأراضي القطرية والتهديد الإقليمي الكبير وتهديدات بغلق معبر هيرمز الإ أن الاقتصاد المصري شهد في عام 2025 تحولاً نوعياً بفعل إعادة ترتيب أولويات الدولة، والتركيز على ملفات الإنتاج المحلي والاستثمار، وتعزيز موارد النقد الأجنبي، ورغم التحديات العالمية والمحلية المتراكمة من سنوات، فإن ملامح جديدة بدأت تظهر في المشهد الاقتصادي المصري، تعكس توجهاً نحو استعادة التوازن وتحقيق التنمية المستدامة.
في هذا التقرير من بانكير نوضح لماذا الاقتصاد المصري غير في 2025.
أولاً: المشروعات القومية تقود قاطرة التنمية
منذ 2014 اعتمدت الدولة المصرية استراتيجية شاملة لتحديث البنية التحتية والقطاعات الحيوية، لكنها في 2025 باتت تجني ثمار هذه السياسة عبر:
التوسع في المدن الصناعية الجديدة:
إنشاء وتوسعة مدن صناعية متكاملة مثل: العاشر من رمضان 2، السادات الجديدة، وشرق بورسعيد.
توفير بنية تحتية مؤهلة لجذب الصناعات الثقيلة والخفيفة، وتهيئة بيئة عمل تتوافق مع متطلبات المستثمرين المحليين والدوليين.
تدشين مجمعات صناعية لصغار المستثمرين والحرفيين في المحافظات، مما ساهم في تحريك عجلة الاقتصاد في المناطق الأقل حظاً.
مشروعات البنية التحتية الذكية:
تعزيز ربط المحافظات عبر شبكات طرق وكباري بطول آلاف الكيلومترات.
توسعات كبيرة في محطات الكهرباء والطاقة الشمسية، ومنها مشروع "بنبان" بأسوان، ليصبح أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم.
الاهتمام بمشروعات المياه والصرف الصحي، وتحلية المياه في المناطق الساحلية، لضمان أمن مائي وتنموي مستدام.
العاصمة الإدارية ومشروعات التطوير الحضري:
استمرار العمل في العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات الإسكان، مثل "سكن كل المصريين"، مما حفّز قطاع التشييد والبناء وشركات المقاولات المحلية.
إطلاق مناطق لوجستية وتكنولوجية لربط الصناعة بالتجارة والخدمات، بما يعزز الاقتصاد الرقمي.
ثانياً: تدفق الاستثمارات الأجنبية يعود بقوة
في ظل ما شهده الاقتصاد المصري من تحديات بعد أزمة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، كان عام 2025 عام استعادة الثقة الاستثمارية تدريجياً، مدفوعًا بعدة عوامل:
إطلاق "الرخصة الذهبية":
منحت الحكومة للمستثمرين الجادين رخصاً استثنائية موحدة تختصر الإجراءات البيروقراطية الطويلة، وهو ما ساعد على جذب عدد كبير من المشروعات في مجالات التصنيع والطاقة والزراعة.
بيع أصول غير استراتيجية وتحفيز الشراكات:
اتجهت الدولة لطرح حصص من شركات مملوكة للحكومة والجيش أمام القطاع الخاص، ضمن برنامج الطروحات، مما أعطى رسائل طمأنة للمستثمر الأجنبي.
تم تأسيس شراكات بين الدولة ومؤسسات استثمارية خليجية وعالمية في قطاعات الغذاء، الصناعة، الطاقة، والخدمات المالية.
استثمارات مباشرة في التكنولوجيا والطاقة:
دخول شركات إماراتية وسعودية في استثمارات بقطاع التكنولوجيا المالية (فينتك)، مثل شركات الدفع والتحصيل الذكي.
تنفيذ استثمارات في محطات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة بالشراكة مع كيانات دولية كبرى.

ثالثاً: تحويلات المصريين في الخارج تقفز لأرقام تاريخية
وفقا البنك المركزى، إن تحويلات المصـريين العاملين بالخارج حققت خلال ١٠ أشهر (يوليو- إبريل من السنة المالية ٢٠٢٤ /٢٠٢٥) قفزة تاريخية غير مسبوقة، إذ ارتفعت بمعدل ٧٧.١٪ لتصل إلى نحو ٢٩.٤ مليار دولار، مقابل نحو ١٦.٦ مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالى السابق.
وفي 2025 برزت تحويلات المصريين في الخارج كأحد أقوى روافد النقد الأجنبي، بعدما تجاوزت توقعات الخبراء وسجّلت مستويات قياسية غير مسبوقة وجاء ذلك للأسباب التالية:
زيادة الثقة في القطاع المصرفي بعد تحرير سعر الصرف وتوفير آليات مرنة لتحويل الأموال.
طرح شهادات ادخارية مميزة بالدولار والجنيه بعوائد مرتفعة للمصريين بالخارج.
تسهيلات وإعفاءات غير مسبوقة لتحفيز المصريين في الخارج للاستثمار في مصر
الحملات الترويجية التي قادتها وزارة الهجرة، بالتنسيق مع البنوك، لتسهيل التحويلات وضمان وصولها بسهولة وسرعة.
رابعاً: نتائج إيجابية للاقتصاد المصري
انخفاض نسبي في معدلات التضخم مقارنة بعام 2023 و2024.
تحسن الجنيه المصري أمام الدولار بشكل طفيف وثابت.
زيادة الصادرات السلعية بفضل الاعتماد على الصناعة المحلية وتحفيز التصدير.
تراجع في العجز التجاري بعد خفض الاستيراد من الخارج وزيادة الإنتاج المحلي.
خامسا: نمو اقتصادي مستدام وسط تقلبات عالمية
رغم التباطؤ العالمي، حقق الاقتصاد المصري:
نموًا حقيقيًا بنسبة 4.3% في الربع الثاني من 2024/2025.
توقعات نمو تتجاوز 5% وفقًا لتقديرات البنك الدولي بحلول نهاية العام المالي.
نمو القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، بدعم من رؤية مصر 2030.
توسيع قناة السويس وتطوير المناطق الصناعية عززا من القدرة التنافسية لمصر وجاذبيتها كمركز لوجستي في المنطقة.
سادساً: احتياطي نقدي قياسي وتدفقات قوية
بلغ احتياطي النقد الأجنبي 48 مليار دولار في يونيو 2025، وهو أعلى رقم منذ أكثر من عقد، مدعومًا بـ:
تحويلات المصريين بالخارج.
عائدات قناة السويس التي استقرت عند 10 مليارات دولار سنويًا.
صادرات سلعية وخدمية تجاوزت 53 مليار دولار.
تدفقات استثمارية مباشرة تخطت 10 مليارات دولار.
اتفاقيات تمويل دولية بقيمة 22 مليار دولار مع شركاء مثل السعودية، الإمارات، الاتحاد الأوروبي، والبنك الدولي.
سابعاً: القطاع الخاص يقود النمو
مع التراجع التدريجي لدور الدولة في النشاط الاقتصادي، تصدر القطاع الخاص المشهد:
يساهم بـ 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
يوفر أكثر من 80% من فرص العمل.
بلغت استثمارات القطاع الخاص نحو 987 مليار جنيه (20.3 مليار دولار) في 2024/2025.
وضعت الحكومة سقفًا للاستثمارات العامة لضمان عدم مزاحمة الدولة للقطاع الخاص.