اجتماع البنك المركزي المصري تحت المجهر.. توقعات ساخنة قبل قرار 10 يوليو

تترقب الأسواق المصرية والدولية عن كثب الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، والمقرر عقده يوم الخميس الموافق 10 يوليو 2025، وسط حالة من الترقب والحذر، نظراً لما يشهده المشهد الاقتصادي من تقلبات داخلية وضغوط خارجية، وفي مقدمتها استمرار التصعيد في الصراع الإيراني الإسرائيلي، وما نتج عنه من انعكاسات حادة على أسواق الطاقة العالمية.
في هذا السياق، تعود الأنظار إلى البنك المركزي المصري، الذي سيكون أمام اختبار جديد لاتخاذ قرار حاسم بشأن أسعار الفائدة، التي تبلغ حاليًا 24% على الإيداع و25% على الإقراض، وذلك في محاولة لإعادة التوازن بين محاربة التضخم ودعم الأنشطة الاقتصادية.
ارتفاع كبير في الأسعار يضع قرارات المركزي تحت المجهر

وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفع معدل التضخم السنوي في الحضر ليصل إلى 16.8% خلال شهر مايو 2025، مقابل 13.9% في أبريل الماضي، مدفوعا بزيادة أسعار المواد الغذائية والوقود بنسبة بلغت نحو 11.2%، فضلا عن قفزة ضخمة في أسعار الخدمات الصحية وصلت إلى نحو 40.6%.
ورغم استقرار التضخم الأساسي عند 10.4% في أبريل، إلا أن البنك المركزي يواصل التزامه بخطته الطموحة، والتي تهدف إلى خفض معدل التضخم إلى 7% بحلول نهاية 2026، ثم إلى 5% بنهاية عام 2028، وهي أهداف تتطلب حذرًا شديدًا في صياغة السياسات النقدية المقبلة.
3 سيناريوهات مطروحة على طاولة البنك المركزي

ويرجح خبراء الاقتصاد أن يكون أمام البنك المركزي المصري ثلاثة سيناريوهات محتملة خلال اجتماع يوليو المقبل، وجميعها تتوقف على قراءة دقيقة لمؤشرات التضخم، وتوقعات الأسواق، وحركة رؤوس الأموال الأجنبية، وتتمثل هذه السيناريوهات فيما يلي:
أولاً: خفض أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% و2%
يتوقع محللون، من بينهم جيمس سوانستون من مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، أن يقوم البنك المركزي بخفض تدريجي لأسعار الفائدة بواقع 1% إلى 2%، في ظل توقعات بانخفاض تدريجي لمعدلات التضخم خلال النصف الثاني من عام 2025، بالتوازي مع استقرار أسعار الغذاء عالميًا.
ويرى هؤلاء أن مثل هذا الخفض قد يمثل دفعة قوية للاستثمار المحلي، ويخفف من أعباء التمويل على القطاعات الإنتاجية، كما يُنتظر أن ينعش سوق الأوراق المالية، ويعزز وتيرة النمو الاقتصادي، رغم ما قد يترتب عليه من ضغوط محتملة على الجنيه المصري.
ثانيًا: الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير
يشير فريق آخر من الخبراء إلى أن الأوضاع الجيوسياسية الملتهبة، وارتفاع تكاليف الطاقة، قد تدفع لجنة السياسة النقدية إلى تبني خيار تثبيت أسعار الفائدة، للحفاظ على استقرار الجنيه، وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة في ظل استمرار طرح شهادات ادخار ذات عائد مرتفع يصل إلى 28%.
إلا أن هذا الخيار، وإن كان يساهم في حماية العملة المحلية، قد ينعكس سلبا على معدلات النمو، ويحد من قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة على التعافي السريع.
ثالثًا: رفع أسعار الفائدة بمقدار 1%
رغم أن هذا السيناريو يبدو أقل ترجيحا، إلا أن بعض التحليلات لا تستبعده بالكامل، خاصة في حال حدوث موجة تضخمية مفاجئة، ناجمة عن قرارات إضافية برفع أسعار الطاقة أو تحريك أسعار الوقود.
وفي تلك الحالة، قد يرى البنك المركزي ضرورة لرفع طفيف في أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 1%، بهدف كبح جماح التضخم، حتى لو كان ذلك على حساب رفع تكلفة التمويل وتقليص فرص الاستثمار.
القرار النهائي للبنك المركزي في الاجتماع المقبل

وفي ظل المعطيات المتشابكة، والتحديات الاقتصادية المتسارعة، يبقى اجتماع لجنة السياسة النقدية في 10 يوليو لحظة فاصلة في مسار السياسة النقدية المصرية خلال النصف الثاني من 2025، وبين ضغوط التضخم، وحاجة السوق للسيولة، والتوترات الإقليمية، تتقاطع الاعتبارات الفنية والاقتصادية، ليصبح القرار المنتظر محط أنظار المستثمرين، والمحللين، وصانعي السياسات على حد سواء.
وبحسب غالبية التقديرات، فإن البنك المركزي قد يفضل خيارا وسطيا بين الحذر والمجازفة، عبر الإبقاء على الفائدة عند مستوياتها الحالية أو خفضها بشكل طفيف لا يتجاوز 1%، في انتظار ما ستسفر عنه مؤشرات الأسواق العالمية، وتطورات المشهد الاقتصادي الداخلي.
ماذا حدث في الاجتماع السابق؟
وكانت لجنة السياسة النقدية قد فاجأت الأسواق في اجتماعها الأخير الذي عقد يوم الخميس 22 مايو 2025، بقرار خفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر عائد الإيداع إلى 24%، وسعر عائد الإقراض إلى 25%، بينما بلغ سعر العملية الرئيسية 24.5%.
كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة، ليُسجل 24.5%، في خطوة اعتبرها البعض إشارة على دخول البنك المركزي في دورة تيسير نقدي تدريجي، تستهدف دعم النمو الاقتصادي، دون المساس بالاستقرار المالي.