المشاط: التغيرات العالمية المستمرة تؤكد أهمية تعزيز صلابة ومرونة الاقتصاديات

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة نقاشية بعنوان "تعزيز التنويع والتطور لمواجهة الظروف المتغيرة باستمرار"، خلال فعاليات اجتماع المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالعاصمة الفرنسية باريس.
وفي مستهل كلمتها، أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بموضوع الجلسة الذي يعد محورًا جوهريًا لتوسيع الأسس الاقتصادية وتعميق القدرات على التكيّف والمنافسة والازدهار، مؤكدة أن الحاجة إلى بناء اقتصادات صلبة، شاملة ومستدامة، أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، وتظل التجارة والاستثمار والابتكار ركائز أساسية لتحقيق هذا الهدف، وذلك في ظل المشهد العالمي المتغير بوتيرة سريعة، والمتسم بتعقيدات جيوسياسية متزايدة، وتسارع التحول الرقمي، وتفاقم المخاطر المناخية.
اجتماعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية
وفي هذا السياق، أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى تجربة مصر في تعزيز استقرار وصلابة الاقتصاد من خلال الإصلاحات الهيكلية، ودور شراكتها مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في تحقيق تأثير فعلي، بالإضافة إلى مساهماتها في تبادل المعرفة على المستوى الإقليمي، سواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو في القارة الأفريقية ككل.
البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية
وأضافت «المشاط»، أن استراتيجية الإصلاح الاقتصادي في مصر ترتكز على البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، الذي يشمل ثلاثة محاور مترابطة وهي: تعزيز استقرار الاقتصادي الكلي، وتحسين التنافسية وبيئة الأعمال، ودفع التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وأوضحت، أن المحور الثاني من البرنامج يركّز على تعزيز تنافسية الاقتصاد الحقيقي وتفعيل دور القطاع الخاص، من خلال دعم القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، مع التوجه نحو القطاعات القابلة للتداول والتصدير، ما يسهم في زيادة الطاقة التصديرية وتعزيز الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، حيث سجل قطاع التصنيع غير النفطي نموًا بنسبة 18٪ في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ما يعكس نجاح هذه الإصلاحات في تحقيق التحول الهيكلي وتعزيز الصلابة الاقتصادية.
وأضافت أنه تم الانتهاء من إعداد «السردية الاقتصادية الوطنية»، وهي رؤية تنموية شاملة تعمل على تحقيق المواءمة بين برنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2030، لتمكين القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال، ودعم القطاعات التنافسية، والاستثمار في رأس المال البشري، بما يحقق نموًا شاملًا ومستدامًا واقتصادًا قادرًا على الصمود، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي.
تعزيز الشفافية في إدارة الدين العام
وأكدت أن هذه الجهود الوطنية تكمل إصلاحات مؤسسية تشمل تعزيز الشفافية في إدارة الدين العام، وتحسين حوكمة الاستثمارات العامة، وتوسيع نطاق نظم الحماية الاجتماعية لدعم الفئات الأكثر احتياجًا خلال مراحل الانتقال الاقتصادي، كما تتعزز استراتيجية الصلابة الاقتصادية من خلال الاستثمارات الموجهة في البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، وتيسير التجارة الرقمية. وقد ساهمت هذه الإصلاحات في نمو الصادرات غير النفطية وزيادة تنوع الأسواق التصديرية.
وأشارت إلى أهمية البرنامج القُطري بين مصر ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خاصة على صعيد المحور الأول «النمو الاقتصادي الشامل والمستدام»، حيث يتم تنفيذ عدد من المشروعات الهادفة إلى دعم تنفيذ هذه الإصلاحات، من أبرزها مشروع تعزيز قدرات الجهات المصرية على رصد ديناميكيات الأعمال من خلال تطوير التحليل الإحصائي، وربط البيانات بأسس العمل الدولية، ومشروع دعم تحسين الإنتاجية، لا سيما في قطاع الصناعة،ومشروع تقوية النظام الإحصائي الوطني من خلال مواءمة بيانات الصناعة والتجارة وسلاسل القيمة مع المعايير الدولية، بما يُعزز من فعالية السياسات ومقارنتها عالميًا.
وأكدت أن مصر بعد أن تسلمت مؤخرًا الرئاسة المشتركة لمبادرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتعكف على توسيع هذه الجهود إقليميًا، عبر رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، تركز على الصلابة، والترابط الإقليمي، والتحول المستدام والشامل، وتعمل مصر على تعزيز الاتساق التنظيمي، وتسهيل التجارة، وتشجيع الابتكار في السياسات، مع دعم التعلم المشترك وصياغة السياسات المبنية على الأدلة لدفع التحول الاقتصادي في المنطقة.
وأشارت "المشاط"، إلى أن مصر تسعى إلى تحديث منظومة الجمارك عبر تطبيق نظام موحّد لإدارة المخاطر، وتوسيع استخدام الشهادات الإلكترونية للمنشأ، وتطبيق إجراءات متوافقة مع معايير الجودة العالمية، بما يسهم في انسياب أسرع وأكثر موثوقية لحركة التجارة، ويعزز مكانة مصر في سلاسل التوريد الإقليمية والدولية.
وفي ختام كلمتها، أكدت "المشاط"، أن تجربة مصر تُظهر أن بناء الصلابة من خلال التنويع والتطور أصبح مسارًا ضروريًا يتطلب تنسيقًا استراتيجيًا للسياسات، وتفعيلًا حقيقيًا لدور القطاع الخاص، وتعاونًا دوليًا فعّالًا، كما يعكس كل من البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية والسردية الوطنية للتنمية الاقتصادية الوطنية، رؤية استشرافية للنمو الشامل والمستدام، مشيرةً إلى أنه من خلال التعاون مع شركاء التنمية، ومن بينهم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يتم العمل على صياغة نموذج اقتصادي صلب ومنفتح ومؤهل لمواجهة تحديات المستقبل.