يقترب من 100 مليار دولار في هذا الموعد.. جهود مضنية من البنك المركزي لتعزيز الاحتياطي النقدي

يسطر البنك المركزي المصري إنجازات اقتصادية غير مسبوقة في سعيه لتعزيز الاحتياطي النقدي، مع هدف طموح للوصول إلى 100 مليار دولار في السنوات القادمة.
وبحلول أبريل 2025، بلغ الاحتياطي 48.144 مليار دولار، محققًا أعلى مستوى تاريخي له، مدعومًا بسياسات نقدية مبتكرة، استثمارات أجنبية ضخمة، وتنويع مصادر الدخل الدولاري.
وفي هذا التقرير، من بانكير، يستعرض بعمق الجهود المبذولة، مستندًا إلى أحدث البيانات الرسمية.
مسيرة الاحتياطي النقدي.. من التعافي إلى الريادة
وبدأت مصر عام 2024 باحتياطي نقدي بلغ 35.2 مليار دولار، لتشهد قفزات نوعية خلال العام، وبحلول مايو 2024، ارتفع الاحتياطي إلى 46.126 مليار دولار، مدعومًا بصفقة رأس الحكمة مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار، التي شكلت نقطة تحول اقتصادية.
واستمر الارتفاع ليصل إلى 47.109 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024، ثم إلى 47.265 مليار دولار في يناير 2025، و47.757 مليار دولار في مارس 2025، ليستقر عند 48.144 مليار دولار بنهاية أبريل 2025، بزيادة 386 مليون دولار عن الشهر السابق.
وهذا النمو المتسارع يعكس قدرة البنك المركزي على استغلال الفرص الاقتصادية وتحسين ميزان المدفوعات، الذي حقق فائضًا بقيمة 9.7 مليار دولار خلال السنة المالية 2023/2024.
كما ارتفعت أرصدة الذهب في الاحتياطي إلى 13.6 مليار دولار بنهاية أبريل 2025، مما يبرز استراتيجية تنويع الأصول لتعزيز الاستقرار.
استراتيجيات البنك المركزي لدعم الاحتياطي النقدي
ويعتمد البنك المركزي على ركائز استراتيجية دقيقة لتعزيز الاحتياطي، تشمل:
جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
- صفقة رأس الحكمة: ساهمت هذه الصفقة بتدفق 35 مليار دولار، مما عزز الاحتياطي وخفف الضغط على الجنيه المصري، كما شجعت هذه الصفقة مستثمرين آخرين على دخول السوق المصرية.
- تدفقات استثمارية متنوعة: خلال الربع الأول من 2025، سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 2.7 مليار دولار، مع توقعات باستمرار النمو مدعومًا بتحسين مناخ الاستثمار.
- أدوات الدين الحكومية: شهدت مشتريات الأجانب من أدوات الدين الحكومية ارتفاعًا إلى 2.25 مليار دولار في الربع الأول من 2025، مما عزز السيولة الدولارية.
تعزيز الصادرات المصرية
- سجلت الصادرات غير البترولية نموًا بنسبة 18.8% في النصف الأول من السنة المالية 2024/2025، لتصل إلى 15.7 مليار دولار.
- قطاع الذهب حقق طفرة تصديرية، حيث بلغت صادراته 3.2 مليار دولار في الربع الأول من 2025، وهي أعلى قيمة فصلية على الإطلاق.
- الصادرات السلعية تتجه لتحقيق 52 مليار دولار خلال 2025، مدعومة بفتح أسواق جديدة وزيادة الطلب الخارجي على المنتجات المصرية، خاصة في قطاعات الغاز الطبيعي، الأسمدة، والبتروكيماويات.

إصلاحات نقدية جذرية
- قرار تعويم الجنيه في مارس 2024، إلى جانب رفع أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، ساهم في توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، مما عزز الثقة في النظام المصرفي.
- اعتماد سعر صرف مرن ساعد في استقرار السوق، حيث سجل الدولار 50.55 جنيهًا للشراء و50.68 جنيهًا للبيع في البنك المركزي بنهاية الربع الأول من 2025.
- زيادة الفائدة على الشهادات الدولارية إلى أكثر من 5% شجعت المصريين على الاحتفاظ بالعملة الصعبة داخل النظام المصرفي.
تنشيط قطاع السياحة
- شهدت السياحة نموًا ملحوظًا، مدعومًا بتحسين الخدمات واستقرار الأوضاع السياسية، حيث توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع إيرادات السياحة إلى 12.6 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025.
- استقبال ملايين السياح خلال 2024 وأوائل 2025 عزز التدفقات الدولارية، مما ساهم في دعم الاحتياطي.
تعزيز تحويلات المصريين بالخارج
- سجلت تحويلات المصريين بالخارج قفزة تاريخية بنسبة 72.4%، لتصل إلى 32.6 مليار دولار من مارس 2024 إلى فبراير 2025، مع تسجيل 3 مليار دولار في فبراير 2025 وحده.
- مبادرات حكومية، مثل طرح أراضٍ وعقارات بالعملة الأجنبية للمصريين بالخارج، ساهمت في جذب هذه التحويلات، مما عزز الاحتياطي.
دور الإصلاحات الهيكلية في دعم الاحتياطي
وإلى جانب الاستراتيجيات المباشرة، ساهمت إصلاحات هيكلية في تعزيز الاحتياطي، حيث نفذت الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي مدعومًا من صندوق النقد الدولي، تضمن مراجعات ناجحة في 2024، مما أتاح صرف دفعات تمويل بقيمة 1.2 مليار دولار في الربع الأول من 2025.
كما ركزت الحكومة على تعزيز دور القطاع الخاص، مما ساهم في تحسين النمو الاقتصادي إلى 3.8% في السنة المالية 2024/2025، مع توقعات ببلوغ 4.3% في 2025/2026.
الاحتياطي النقدي نحو 100 مليار دولار
ويتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية استقرار الاحتياطي عند مستويات مرتفعة، مدعومًا بانخفاض التضخم إلى 12.8% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2022.
كما توقعت مؤسسة جيه بي مورجان زيادة الاحتياطي بمقدار 16.2 مليار دولار في السنة المالية 2025/2026، مما يقرب مصر من هدفها الطموح.
ويعكس هذا الهدف رؤية البنك المركزي لتحويل مصر إلى مركز اقتصادي إقليمي، حيث يوفر احتياطي بقيمة 100 مليار دولار حماية ضد الصدمات الخارجية، ويعزز الثقة في الاقتصاد، ويغطي احتياجات الاستيراد لأكثر من 12 شهرًا.
ومع استمرار تدفقات الاستثمار، ونمو الصادرات، وتحسن إيرادات السياحة والتحويلات، تبدو مصر على الطريق الصحيح لتحقيق هذا الإنجاز.
وتمثل جهود البنك المركزي المصري نموذجًا للإدارة الاقتصادية الفعالة في ظل ظروف عالمية معقدة، ومن خلال استراتيجيات متكاملة شملت جذب استثمارات ضخمة، تعزيز الصادرات، إصلاحات نقدية جذرية، تنشيط السياحة، وتعظيم تحويلات المصريين بالخارج، تمكن البنك من رفع الاحتياطي إلى 48.144 مليار دولار بنهاية أبريل 2025.
ومع استمرار هذه الجهود، يقترب حلم الـ 100 مليار دولار من التحقق، مؤكدًا مكانة مصر كقوة اقتصادية صاعدة.